جلسة عشاء لطيفة على شاطئ البحر مع صديق مسيحي وهو مسؤول تابع لـ»حزب الله» و»التيار الوطني الحر»، وأيضاً كان حاضراً رجل أعمال محترم يتمتّع بثقافة عالية.
سأل رجل الأعمال: لماذا لا يتفق ميشال عون وسمير جعجع على انتخاب رئيس للجمهورية؟
أجاب المسؤول: يجب أن يصل عون للرئاسة لأننا نريد رئيساً قوياً.
وضرب مثلاً أنّ أهم رئيسين في تاريخ لبنان هما كميل شمعون وفؤاد شهاب.
تدخل رجل الأعمال قائلاً: تاريخ رؤساء لبنان يوضح أنّه كان الرئيس يؤتى به من الخارج، فالرئيس كميل شمعون كان في منافسة مع حميد فرنجية، يومها (في العام 1952 بعد استقالة الشيخ بشارة الخوري) نام اللبنانيون على حميد فرنجية رئيساً، فاستيقظوا على كميل شمعون في قصر القنطاري.
وحدث ذلك بعد تدخل بريطانيا لدى النواب الذين كانت أكثريتهم، في الأساس تميل الى فرنسا، ولكن الدفة كانت بدأت تميل الى جانب بريطانيا التي كانت تدعم شمعون.
أمّا فؤاد شهاب فجيء به بتسوية بين الأميركي وجمال عبدالناصر.
ونقول للمسؤول: إنّ رئيساً واحداً جيء به بإرادة الداخل اللبناني، ومصادفة، هو سليمان فرنجية… وما سوى فرنجية كان يُنتخب وفق المداخلات الخارجية من هذا الطرف ذي النفوذ أو من ذاك…
عاد المسؤول الى الكلام ليقول: فريقنا لا ينزل الى مجلس النواب لأننا لا نريد أن يؤتى برئيس ضعيف.
رجل الأعمال: هذا كلام غير مسؤول، واجبكم أن تنزلوا الى مجلس النواب وتنتخبوا الرئيس وتنهوا هذا الفراغ الرئاسي الذي يضر بلبنان ضرراً شديداً.
وقال المسؤول: إنّ الشيعة في لبنان يأتون بالرجل القوي لديهم الى رئاسة مجلس النواب، وكذلك فإنّ السُنّة يأتون بالرجل السنّي الأقوى بينهم الى رئاسة مجلس الوزراء… فلماذا ما هو مسموح للسُنّة وللشيعة لا يكون مسموحاً للمسيحيين ليوصلوا الرجل الأقوى، الأكثر تمثيلاً عندهم، الى رئاسة الجمهورية.
رجل الأعمال: فليتفق عون وجعجع على مرشح واحد، وعندئذٍ يصبح بإمكان المسيحيين إيصال الرئيس.
المسؤول: مرشحنا واحد هو الجنرال عون.
رجل الأعمال: هذا كلام غير معقول: «أنا أو لا أحد»، هذا كلام لا يؤدي الى نتيجة… المطلوب اتفاقكم وإلاّ فلا يجوز بأي حال الاستمرار في الفراغ الرئاسي.
كنت مستمعاً حتى الآن، فتدخلت قائلاً: من يمنع الانتخاب الرئاسي هي إيران التي أعلنت بلسان مرشدها آية الله خامنئي أنّها تسيطر على أربع عواصم بينها بيروت، فكيف سيتم الانتخاب في ظل هذه الهيمنة الإيرانية.
وأضفت: يأتيك الشيخ نعيم قاسم متسائلاً عن تأخر انتخاب الرئيس، ويدعو الى انتخاب الرئيس سريعاً… فمن نصدّق: قاسم أم رئيسه الأعلى خامنئي.
وقلت: الى ذلك يدّعي جماعة «حزب الله» أنّ السعودية هي التي تعرقل… والرد على هؤلاء أنّه ولا مرّة واحدة أعلنت المملكة موقفاً رئاسياً سلباً أو إيجاباً من هذا الطرف أو ذاك، ولا هي وضعت ڤيتو على أحد، فالمملكة تقدّم المال والسلاح للدولة اللبنانية، بينما إيران لا تساعد سوى الفصيل العسكري التابع لها أي «حزب الله».
وبالمناسبة، فإنّ مَن يتعامل مع السعودية في لبنان أو يمثل خطها في لبنان الرئيس سعد الحريري ها هو في الولايات المتحدة الأميركية ليحث واشنطن على مساعدتنا على انتخاب رئيس ولمدّ الجيش بالسلاح والعتاد، بينما إيران ترسل «حزب الله» ليتورّط في سوريا والعراق واليمن ليقتل الشعوب السورية والعراقية واليمنية، وهذا هو الفرق بين الرياض وطهران، وفي المنطلق: الفرس يكرهون المسلمين ويكرهون العرب.
إنّهم يكرهون المسلمين لأنّ الإسلام هو الذي أسقط الامبراطورية الفارسية، ويكرهون العرب لأنّ هناك خلافاً أساسياً بين الشيعة العرب والشيعة الفرس… وهذا كان الفرق بين السيّد حسن نصرالله والسيّد محمد حسين فضل الله الذي كان عربياً قحاً، وهناك كتاب نشره مسؤول المخابرات الاميركية (سي. أي . آي) Kay Bird بعنوان «The Good Spy» يروي فيه لماذا قتل معمّر القذافي الإمام موسى الصدر فيتبيّـن منه أنّ ذلك كان بسبب الخميني، وهو ما أفضى به أبو عمار وأبو حسن سلامة.