اليوم تجتمع هيئة الحوار الوطني تحت عنوان حدده مسبقاًَ الرئيس نبيه برّي وهو تفعيل عمل مجلس النواب المشلول بسبب الخلاف على الأولويات، وعلى تفسير الدستور الذي أعطى الأولوية بالنسبة إلى فريق من المكون اللبناني لانتخاب رئيس جمهورية على أي أمر تشريعي آخر إستناداً إلى النص الذي يقول بأنه في حال شغور مركز رئيس الجمهورية يتحوّل مجلس النواب إلى هيئة إنتخابية وبين فريق آخر ومنهم الرئيس برّي، يرى عكس ذلك أي انه يمكن للجلس النيابي أن يشرع عند الضرورة وقد تغلب رأي الرئيس برّي، وعقد مجلس النواب أكثر من جلسة تحت عنوان تشريع الضرورة من دون أن يسقط ذلك متابعة البحث على طاولة الحوار لإيجاد صيغة توفق بين الآراء المتضاربة وتنهي الشغور في رئاسة الجمهورية من دون أن يصل هذا الحوار إلى أية نتيجة إيجابية حتى الآن على الرغم من الصيغ والاقتراحات التي وضعت على الطاولة وناقشها المتحاورون.
وتعود أسباب تعثر الوصول إلى تفاهم إلى تمسك حزب الله وحلفائه في 8 آذار، ما عدا النائب سليمان فرنجية بعد ترشيحه من قبل رئيس تيّار المستقبل سعد الحريري، ومقاطعته كل الجلسات التي دعا إليها رئيس المجلس والبالغة حتى الآن 37 جلسة، لأن الفريق الآخر لم يسلم بانتخاب مرشحه العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، ما أدى إلى إبقاء البلاد بلا رئيس قرابة السنتين ومعه تعطلت الحكومة وتعطل معها مجلس النواب، ومعهما تراكمت الأزمات ودخل البلد في النفق المجهول بإعتراف الذين يديرون الأزمة في الداخل، وباعتراف الدول الشقيقة والصديقة الحريصة على هذا البلد وعلى وحدته ونظامه الديمقراطي الذي لا يزال يتميز به عن غيره من دول الإقليم.
والسؤال البديهي الذي يطرح هل ينجح الرئيس برّي في إقناع هيئة الحوار بتفعيل دور مجلس النواب التشريعي بعدما نجح في ضخ الحياة بمجلس الوزراء ولو في الحدود الدنيا في ظل رفض فريق من اللبنانيين لهذه الصيغة المقترحة من قبله، أم ان جلسة اليوم ستوسع شقة الخلاف داخل مجلس النواب بين المسيحيين الذين يجمعون على أن لا صوت يعلو فوق انتخاب رئيس جمهورية استناداً إلى النصوص الدستورية أم يربح برّي معركة تفعيل عمل الحكومة منعاً لسقوط الهيكل فوق رؤوس الجميع وريثما تنضج طبخة الرئاسة في المطابخ الخارجية التي لها أولويات أخرى غير لبنان، ويهمها أن يبقى في دائرة الاستثمار السياسي إلى أن تنضح الطبخة التي تعد للمنطقة وتحديداً لسوريا التي دخلت بعد الاتفاق الروسي – الأميركي مرحلة جديدة وحساسة.
الرئيس برّي يراهن على تفهم الجميع للوضع المأزوم نتيجة الشلل الحاصل في السلطة التشريعية ويتأمل في أن يترجم المتحاورون ذلك في جلسة اليوم الحوارية ما داموا مقتنعين بأن لا حلول خارجية لأزمة الاستحقاق الرئاسي، وفريق منهم هم المسيحيون تحديداً يتأملون أن يفتح الحوار حول تفعيل عمل مجلس النواب الباب المغلق أمام الاستحقاق الرئاسي واعادته إلى واجهة اهتمامات المتحاورين لعل ذلك يثمر اتفاقاً على انتخاب رئيس يكون من خارج الاصطفاف القائم وغير المرشحين المطروحين ميشال عون وسليمان فرنجية بعدما خسرا كل أوراقهما المكشوفة والمستورة بقرار من حزب الله، ولكن هناك من يجزم بأن جلسة اليوم لن تكون أفضل من سابقاتها من جلسات حوار الطرشان.