ولمَ لا ينطلق الحوار المرتقب من سؤال واحد يختصر الوضع اللبناني بكل أزماته والمخاطر التي تتهدّده، وهو: كيف نسرِّع عمليّة انتخاب رئيس للجمهوريّة، يفتح إنجازها بنجاح كل الدروب والخطوط والآفاق المقفلة؟
فعلى أساس هذا السؤال يمكن أن تُبنى مطالب الحراك المدني الشعبي السلمي الاعتراضي المطلبي، والذي سيعود مساء اليوم إلى ساحات الاحتجاج بكل هدوء، تأكيداً لسلميّة المطالب والأهداف والإصرار على المطالب إلى حين الاستجابة والتنفيذ.
من هنا تبدأ معالجة المسألة اللبنانية بكل تشعّباتها، مثلما تبدأ عودة الدولة المغيَّبة مع مؤسّساتها، ويبدأ كذلك الوطن المُحتَجَز بالرجوع خطوة فخطوة… ما أحلى الرجوع إليه.
البلد بأسره تقريباً يرحِّب مع وليد جنبلاط ترحيباً عالياً بمبادرة الرئيس نبيه برّي الذي يؤمن بأن الحوار في بلد الثماني عشرة طائفة هو الأسلوب الوحيد للاهتداء إلى التفاهمات والحلول والتوافقات… وتحت بنديرة الديموقراطيّة البرلمانيّة التي يجوز لها في لبنان ما لا يجوز لغيرها.
البلد في حاجة إلى عمليّة إنقاذ مستوفية شروط النجاح، وإلى قادة مخلصين يتحلّون بالحدّ الأدنى من الشعور بالمسؤوليّة والواجب نحو الوطن والشعب، لا إلى أنانيّين أعمت الشهوة إلى مزيد من المناصب والمكاسب عقولهم وقلوبهم.
ما علينا، فلنبقَ في نطاق الدعوة إلى الحوار، وبرنامج طاولة التشاور على مستوى محدّد، والقرار الأساسي المعجّل المكرّر والمطلوب من المدعوين إلى “طاولة التشاور” اتخاذه كبند شامل يؤيّده السواد الأعظم من اللبنانيّين الذين باتوا في مأزق لا يحسدون عليه.
وبديهي التذكير هنا بالخطوة الانتقاليّة المطلوب من الحكومة اتخاذها في الوقت نفسه، والتي تترجم على أرض الواقع كل ما نتج ورافق وصمة الزبالة وتفاصيل “مرحلتها” التي كشفت حال لبنان على حقيقتها.
مع وعد من الحكومة والمتشاورين المحاورين للحراك المدني، وللبنانيّين بصورة عامة، ببذل كل الجهود والتضحيات والمحاولات في سبيل إنجاز وتحقيق كل ما من شأنه إعادة الروح والحركة والابتسامة والأمل إلى هذا البلد، المنكوب ببعض سياسيّيه وقياديّيه قبل سواهم.
ولا بد هنا من الإشادة بما أقدمت عليه هذه “الحركة” التي كلّها بركة، ولا يجوز مطلقاً أبداً بتاتاً التوقّف عند بعض أعمال الشغب والتخريب التي غالباً ما ترافق التحرّكات المماثلة في معظم بلدان العالم.
طاولة الحوار أو التشاور تشكّل، أيضاً، امتحاناً مفتوحاً يخضع لبنوده وقراراته مَنْ يغارون حقّاً على مصلحة لبنان.
فسهِّلوا مبادرة نبيه برّي تسهّلوا السبل أمام تغييرات قد تكون شاملة.