إنشاء قناة التواصل بين الأحزاب والتيارات أهم إنجازات المتحاورين لتأمين الإستقرار
الحوار يبقى ناقصاً إذا لم يحقق تقدماً في قضية إنهاء الشغور الرئاسي
الأحزاب والتيارات استعادت قيادة الشارع، بعد أن كان عُرضة لأهواء القبضايات والشبيحة
الحوار بين تيّار المستقبل وحزب الله، وكذلك الحوار بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر اوجدا ارتياحاً «ملوحظاً» في الشارع.
فذهاب كل من حزب الله وتيار المستقبل إلى الحوار بتوجه أساسي لخفض التوتر في الشارع الإسلامي أنتج منذ الجلسات الأولى خفض نسبة لا بأس بها من الاحتقان، خاصة وأن الحزب والتيار لهما تأثير كبير على غالبية الشارع الإسلامي في البلد، ولكن غالبية اللبنانيين كانت منذ بدء الحوار تترقب اتخاذ اجراءات، فهي المؤثر في خفض التوتر.
والسؤال هل الاجراء الوحيد الذي نتج عن حوار أهم واكبر تيارين سياسيين وهو نزع الصور واليافطات والشعارات من الشوارع والاحياء يتناسب وحجم الحزب والتيار؟
البعض رأى ان هذا الاجراء «متواضع» ولا يتناسب مع حجمهما، ويرى انهما قادران على اتخاذ إجراءات أكبر واهم من نزع الصور واليافطات «لترييح» الشارع اللبناني، وأن ما طالب به تيّار المستقبل من نزع سلاح «سرايا المقاومة» واقفال مكاتبها في احياء العاصمة وبقية المناطق اجراء يمكن النظر إليه بأنه بمستوى الحوار بينهما، خاصة وأن عناصر هذه السرايا لا علاقة لها بالمقاومة.
هذا ورأى البعض الآخر ان الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل يجب ان لا يقاس مدى نجاحه ومدى فشله في القرارات التي يمكن ان تصدر عنه، وإنما النظر إليه يكون بمدى حجم مردوده السياسي، والأمني والنفسي في الشارع.
ويذكر أصحاب هذا الرأي منتقدي نتائج الحوار بعد الجلسة الرابعة الذين نظروا لاجراء نزع الصور واليافطات والشعارات بعين «الاستهزاء» بأن انقطاع التواصل بين حزب الله وتيار المستقبل المستمر منذ سنوات اوجد حالة خطيرة في البلد، وهي ترك هذين الحزبين الكبيرين قيادة الشارع لأصحاب الأهواء، والغرائز، ولكل مصطاد في المياه العكرة، وللمندسين، وللجهلة، وللعملاء.. الخ.
إن انقطاع التواصل في المرحلة السابقة بين حزب الله وتيار المستقبل في ظل عدم وجود سلطة فعلية للدولة يعني «تسييب» الشارع لأبو فلان.. وأبو علتان.. من القبضايات، أو للمأجورين الذين يمكن ان يدفعوا الشارع الإسلامي «للفتنة» سواء توفرت الأسباب ام لم تتوفر!!
إن ما انتجه الحوار من إقامة قناة تواصل بين قيادة حزب الله وقيادة تيّار المستقبل، يعني ان قيادة الشارع عادت إليهما، بعدما كانت لسنوات عُرضة لأصحاب النوايا السيئة، او في أحسن الأحوال ان احسنا الظن لمن ليست لهم، من القبضايات والزعران، والشبيحة.. وهم كثر.
من المؤكد ان تفويت الفرصة على أصحاب الفتن، رغم وجود عوامل التوتر القوية، عائد لتوجهات قيادتي حزب الله وتيار المستقبل الرافضتين بشدة للفتنة.
والسؤال ماذا بعد بدء الحوار؟ وماذا بعد إنشاء قناة التواصل بين أهم واكبر تيارين في الشارع الإسلامي – اللبناني؟
يجيب مصدر مراقب على ذلك بقوله: هناك فرق كبير بين المرحلة السابقة على بدء الحوار وبين ما بعدها، ففي المرحلة السابقة كان الشارع الإسلامي ومعه اللبناني عُرضة لأهواء أهل السوء..، وللفتنة، اما بعد إنشاء قناة التواصل بين التنظيمين فقد أصبح الشارع «ممسوكا»، وشبح الفتنة أصبحت حظوظه قليلة إن لم نقل معدومة.
اما الحوار بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، المعطيات المتوفرة تُشير إلى انه سيكون على مرحلتين زمنيتين:
الاولى: يتم فيها بحث العناوين «المشتركة» بينهما، والتي تتسم بطابع مسيحي، منها بحث وضع المسيحيين في الدولة، وقضية احياء الدولة، والجمهورية، وكل ما يمكن ان ينعكس ايجاباً على استقرار المسيحيين، واللبنانيين، في ظل تناقص عدد المسيحيين اللبنانيين، وفي ظل بروز التيارات الإسلامية المتطرفة، وكذلك «إن امكن» بحث كل ما يمكن ان يُخفّف التوتر في الشارع السني – الشيعي، فكل من القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر يرى انه في حال حصلت الفتنة السنية – الشيعية فإن نارها ستطال جميع اللبنانيين، فانعكاساتها السلبية ستطيح بالاستقرار اللبناني ككل.
تُشير المعلومات المتوفرة بأن اللقاءات الثنائية بينهما اقتربت من إنجاز ورقة التفاهم بين أقوى فريقين في الشارع المسيحي، وهي ورقة «نوايا حسنة» لا شك سيكون لها انعكاساتها الايجابية على الشارعين المسيحي والوطني.
الثانية: وفقاً لمعلومات خاصة فإن الفريقين بعد التفاهم على «الثوابت» الوطنية في المرحلة الاولى من الحوار بينهما سينتقلان لبحث قضية الشغور في رئاسة الجمهورية، وتشير المعلومات ايضاً إلى ان عدم التفاهم في موضوع رئاسة الجمهورية، لن ينعكس سلباً على ما حصل من تفاهمات في المرحلة الاولى.
ويرى مراقبون ان التفاهم بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية مهما يكن حجمه فإنه سينعكس ايجابا على الشارع المسيحي، فإنشاء «قناة التواصل» بينهما يعني طي صفحة التوتر والسجالات والصراعات التي كانت قائمة بين الفريقين لسنوات طويلة، التي اثرت سلبا على دور المسيحيين في البلد، وانعكست سلبا «مقيتا» على استقرارهم في البلد الذي اسسه الاجداد والاباء منذ عقود طويلة.
رغم كل الايجابيات الناتجة عن الحوار الاسلامي – الاسلامي، وعن الحوار المسيحي – المسيحي، اللبنانيون كلهم يرون ان هذه الحوارات ستبقى «ناقصة»، فالجميع ينتظر من هؤلاء الاقوياء البحث بكل جدية قضية الشغور في رئاسة الجمهورية، فالبلد من غير رئيس للجمهورية، منذ عشرة اشهر، ويخشى اللبنانيون من استمرار هذا الشغور لفترة طويلة، كما يخشون من ان يكون ذلك مقدمة «لهدم» الدولة و«فرطها»، فالشغور الرئاسي في بلد فيه مجلس نواب، وفيه حكومة، وأحزاب، وقيادات، ومبدعون في السياسة…»، بات غير مقبول، ونتائجه السيئة ستنعكس على جميع اللبنانيين، فرئيس الجمهورية، رمز وطني بامتياز، ووجوده يمنح الثقة الدولية بالبلد، وغيابه يعني فقد هذه الثقة، وفقدانها يعني الكثير من النتائج السلبية على الاستقرار الامني، والسياسي والاقتصادي.
اللبنانيون ينتظرون من جميع المتحاورين الشروع في بحث قضية الشغور في رئاسة الجمهورية، وبالتالي العمل على عدم جعل هذه القضية الوطنية ورقة في خدمة سياسات الآخرين.