لا يخلو من المغامرة والمخاطرة القول جهاراً وخطيّاً إن لا خوف أمنيّاً على لبنان في المدى المنظور، وفي غياب رئيس للجمهورية يُعطي البلد والدولة والشعب شعوراً بالاستقرار، والاطمئنان إلى وجود رأس للدولة ورأس للمؤسّسات في المرحلة العصيبة.
في نهاية المطاف، ونهاية المخاض، ونهاية الانتظار، سيكون للبنان الرئيس المناسب والذي يُشيع انتخابه مناخاً من الارتياح والتفاؤل في كل الأرجاء.
وخصوصاً إذا استمر الحوار المُجدي والمُفيد بين “تيار المستقبل” و”حزب الله” برعاية الرئيس نبيه بري المباشرة، لأنه يشكّل أعمدة جسر الروبيكون المطلوب من لبنان عبوره، سواء قبل انتخاب الرئيس العتيد، أو حتى بعد عودة الحياة والأضواء إلى قصر بعبدا.
أما بالنسبة إلى حوار الجنرال ميشال عون وسمير جعجع، فليس من نتائج أو بشائر، أو مؤشّرات تنمّ عن توجّهاته، وفي أي مدار يطوف الصديقان اللدودان.
في كل حال، وأيّاً تكن الرهانات، ما دامت الحوارات مستمرّة على قَدمٍ وساق، وبتأنٍّ، وبرعاية داهية عين التينة الذي لا يُخطئ عادة في رهاناته و”مغامراته” السياسيّة، فالأمن مستقرّ بنسبة عالية. والحياة شبه الطبيعيّة سائرة بقدرة مولاها والربّ يرعاها.
أما الموضوع الرئاسي، فساعته آتية لا ريب فيها. إن لم يكن في جلسة الثاني من نيسان، فخلال عدّة من أيام أُخر. أو على مسافة فرسخ فرسخين… والجواب الشافي قد يكون في حقيبة الرئيس برّي، التي لا تُفتح إلا بالشيفرة.
في نهاية المطاف سيكون هناك رئيس للجمهورية بطنّة ورنّة. رئيس توافقي. قويٌّ بالصفات، والكفايات، والمؤهّلات، والتجارب، والقيم، وسعَة الأفق والمعرفة…
وهنا، في هذا المقام، لا بدّ من الاعتراف بأمر واقعي شديد الأهميّة: يخطئ كثيراً، ويضيّع الكثير من لزوم ما يلزم، كل سياسي أو مرجع أو معنيّ بالوضع اللبناني لا يتابع حركة رئيس المجلس، وكل مَنْ لا يصغي إلى كلماته ورسائله المدروسة… وتوقيتها.
لا بدّ من أن يضيع ويضلّ أولئك الذين لا يضعون أسئلتهم في ميزان برّي الذي يحتّم علينا الإنصاف أن نعترف له بمهارات سجّلها لم يتمتع بكثير منها سوى قلة ممن سبقوه إلى منصّة ساحة النجمة.
طبعاً، هذا لا يعني مطلقاً أن لبنان في وضعه الراهن هو في أحلى حالاته، ولا شيء ينقصه أو ينغّصه، أو يجعله ينام على الهمّ ويصحو على الغمّ. نسبياً هو لا يزال بعيداً من البراكين الجارفة بحممها دولاً تاريخيّة عريقة، كالعراق وسوريا واليمن وليبيا، من غير أن نغفل المنغّصات اليوميّة التي تعانيها مصر منذ تلك الزيارة للربيع العربي.
ولكن، هل يمنع هذا الوضع اللبناني “المميّز” بعض الحكومة وبعض الوزراء، وبعض الفاتحين على حسابهم، من التحلّي بالقليل واليسير من المسؤولية الوطنية والشعور بالواجب تجاه وطن ممنوع من انتخاب رئيس للجمهورية؟