الرئيس نبيه بري لم يجد له شغلاً في لقاء القصر الحواري المقرر قبل ظهر بعد غد الإثنين في قصر بعبدا بدعوة من رئيس الجمهورية… وبادر الى «تحريك» المجلس النيابي في الدورة الإستثنائية المفتوحة فدعا النواب الى جلسة مشاريع يوم الأربعاء المقبل. أمّا رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع فنفى أن يكون مدعواً للمشاركة في اللقاء الحواري «باعتبار أنّه يقتصر على المختصين»… ولكنه لم يبدِ رأياً في هذا الحوار، سلباً أو إيجاباً تاركاً حقيقة موقفه للتحليلات والإستنتاجات.
هل تترك مقاطعة الرئيس نبيه بري آثارها السلبية على الحوار المخصص للبحث في سلسلة الرتب والرواتب؟!.
بداية تجدر الإشارة الى أن موقف بري واضح جداً وهو ضرورة الإنتهاء من السلسلة فيوقعها رئيس الجمهورية وتصدر في الجريدة الرسمية. وهو بادر، منذ أحال مجلس النواب قانون السلسلة على التوقيع، الى الإعراب عن اعتقاده بأنّ الرئيس ميشال عون سيوقعها، وانه لا يتصور أو يتوقع العكس… وكرّر هذا الموقف مراراً الى درجة أنّ بعض المقرّبين من القصر شعروا بأن هناك محاولة وضغطاً معنوياً على الرئيس الذي كان، في غضون ذلك، يستقبل الكثيرين من المعنيين بالسلسلة كلاً على حدة…
في أي حال، لم يبدر من الرئيس نبيه بري (علناً على الأقل) أنه منزعج من المبادرة الحوارية التي يقودها الرئيس عون… وإن كان في القلوب ما فيها منذ أن قضت الإنتخابات الرئاسية على إمكان ترميم الجسور بين عين التينة وبعبدا.
ويبقى السؤال في المبدأ:
عمّاذا ستُسفر هذه الجولة الحوارية سوى أنها أعادت طاولة الحوار الى حيث يجب أن تكون، أي في القصر الرئاسي؟
واستطراداً: ما مدى أنْ تتراجع عن موقفها القوى الضاغطة لإقرار السلسلة؟ وكذلك أن تبدّل موقفها القوى الضاغطة لرد السلسلة؟
عارفون ببواطن الأمور يقولون إنه ليس لدى الرئيس ميشال عون أوهام كثيرة حول التوصل الى موقف موحّد من هذا النوع. بل ليست لديه حتى أوهام قليلة. فهو يعرف المواقف، وتجذرها، وتمسك أصحابها كل برأيه. ولكنه يحرص على أنْ يضع الجميع أمام جدار الحقيقة، فبدلاً من أن يكون «الحوار السلبي» قائماً بينهم عبر وسائط الإعلام، فليكن مباشراً، وجهاً لوجه… وليستمع كل طرف الى الآخر. وليتبادلا الحوار لعلّ وعسى يكون التوصل الى نقط جامعة يمكن أن يبنى عليها إن لرد السلسلة أو لتوقيعها، أو «الحل الثالث» الذي يدور الحديث عليه في بعض الأندية من المعنيين بالسلسلة وهو يتمثل بالتقدم بمشروع قانون تحيله الحكومة بصفة «المعجّل المكرّر» على مجلس النواب على قاعدة «لا يموت الديب ولا يفنى الغنم»… علماً أنّ الجو ملائم من خلال دعوة الرئيس نبيه بري مجلس النواب الى جلسة المشاريع التي أشرنا إليها في مطلع هذا الكلام.
في أي حال ان اللبنانيين يأملون أن يتم التعامل مع السلسلة، وسواها من القضايا الكبرى، بكثير من الهدوء والمسؤولية… فلبنان، في هذه المرحلة الدقيقة، لا يتحمل الخضات و… الأمزجة.