بين الامن الاجتماعي – الاقتصادي ، والامن بمفهومه الضيق العسكري يتأرجح الواقع اللبناني على موجات من التفاؤل والتشاؤم ، في بورصة التسويات الاقليمية العالقة عند شباك المصالح الدولية، التي تنفذ من خلالها بين الحين والآخر محاولات للعبث بالامن، كما حصل في زحلة اليوم، مستفيدة من الانهماك الدولي في ملفات واستحقاقات أخرى. قلق امني لم يقتصر على الداخل في ضوء ما حمله انفجار زحلة من توتر بل تعداه الى اروقة مجلس الامن الدولي.
في غضون ذلك، تدور اتصالات في العلن وخلف الكواليس لتذليل العقدة الحكومية المستجدة وتمرير قرار التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي بأقل كلفة سياسية ممكنة وسط تلويح التيار الوطني الحر بالتصعيد في مجلس الوزراء والشارع على حد سواء. ورصد في السياق، خرق على جبهة الرابية – عين التينة، اللتين افترقتا مجددا عند قضيتي تأجيل التسريح من جهة وميثاقية الجلسات في غياب وزيري التيار من جهة أخرى، تمثل بعودة الحرارة الى الاتصالات بين المقرين بمبادرة من حزب الله، عنوانها عدم تطيير جلسات الحوار مقابل تعهدات بدعم مطالب العماد عون ضمن «حدود الممكن» وبعيدا عن «المعارك المجانية»
مصادر قريبة من عين التينة اوضحت أن لا مواجهة ولا عدواة مع الرابية ، بل تباينات في وجهات النظر، وهذا أمر طبيعي ، معتبرة أن ليس هناك مصلحة لأي فريق في كسر الآخر بل على العكس لا بدّ من تقديم التنازلات المتبادلة من أجل الوصول الى التسوية المنشودة، وعندها يكون البلد وحده الرابح، مشددة على أن التسوية الرئاسية ليست نصاباً بل ضرورة التفاهم الواسع، على ماهية المرحلة المقبلة وأسس الحكم فيها قبل التوافق على الأسماء، متخوفة من ان يسبق سيف الوقت العزل ،» ما سيضع البلد أمام مفترق خطير نتيجة الفراغ الشامل»، من هنا الاصرار على التمديد لقائد الجيش كضمانة في حال انهيار الوضع بعد التعذر الواضح في الاتفاق على تعيين بديل ،نتيجة الخلافات السياسية والحسابات الرئاسية ،بعكس ما حصل في ملف رئيس الاركان حيث كان من السهل التوصل الى تسوية.
الا انه رغم ذلك لا شيء يشي بأن التيار الوطني الحر سيستكين، أو يوفر أسلوبا متاحا في «معركة الميثاقية والحفاظ على حقوق المسيحيين»، التي مهد لها طويلا في طريق تصعيده التدريجي، من مقاطعة مرورا بطعن وصولا الى تظاهر ، وما بعد بعده، حيث تشير مصادر الرابية انها بانتظار ردة الفعل، لتبني عليها المقتضى والخيارات المقبلة وفقا لطريقة التعاطي ، حيث المحك الاول استحقاقي طاولة الحوار، ببند اول تحديد واضح لمفهوم الميثاقية، وجلسة انتخاب الرئيس، حيث المطلوب حلول «بالجملة»، لا بالمفرق، لأن المشكلة الأساسية تكمن في أنهم لا يريدون الاعتراف بحقوقنا وشراكتنا في اتخاذ القرار، لافتة الى ان «الحق لا ينتظر اعتراف أحد، ولا حدود لتصعيدنا، علما أننا ندرس خطواتنا آخذين في الاعتبار الاستقرار الداخلي والمصلحة الوطنية العليا، وعليه فان الكرة في ملعب الآخرين، الحلفاء والخصوم على السواء».
في سياقٍ متصل، اعتبرت مصادر نيابية أن لا بارقة أمل تلوح في الأفق، مشيرة الى أن تدخّل تركيا في سوريا يهدّد بانفجار شامل، ولا يسرّع الحلّ السياسي في المنطقة، ما ينعكس المزيد من المراوحة في الداخل اللبناني، مضيفة ان التصعيد الكلامي الذي طبع مواقف قياديين في الحارة وبيت الوسط لجهة الاقحام المباشر للملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية في الأزمة اللبنانية، يؤسس لفترة شهرين من الحماوة غير المسبوقة التي قد تنتهي اما بانفراج أو انفجار بالتزامن مع الانتخابات الاميركية المرتقبة، معتبرة ان «الستاتيكو» الحالي مستمر بأنتظار ما ستؤول اليه صيغة ربط النزاع بين الحزب والمستقبل الذي قامت على الحكومة السلامية بتوازناتها الهشة، ونتيجة الحوار الدائر بينهما، الا في حال حدوث تطور خارجي كبير يطيح بكل الفيتوات الداخلية فارضا على كل الاطراف السير برئيس التسوية الدولية.
الرئيس الحريري الذي ابلغ مقربين منه ان اجازته ستطول حاليا خارج البلد، في مؤشر الى عقم المحاولات الجارية لاحداث خرق، بعدما تفرعت معركة الرئاسة الى معركة قيادة الجيش متحولة الى كباش داخل صفوف الثامن من آذار بين التيار الوطني وحلفائه، اشارت مصادره الى ان جعبته فرغت من اي مبادرات اضافية، بعدما قدم الحد الاقصى بتبنيه ترشيح احد صقور الثامن من آذار للرئاسة، مشيرة الى أن الكرة في ملعب الآخرين من أجل التنازل لمصلحة البلد أو التوافق فيما بينهم، معتبرة ان العماد عون وصهره، مصران على توجيه الرسائل السلبية المعادية للطائفة السنيّة وممثليها، كما لاتفاق الطائف، مشددة على ضرورة تحصين البيت الداخلي قبل أن ينهار الهيكل على رؤوس الجميع، داعية فريق 8 آذار وتحديداً «حزب الله» الى ملاقاة تيار «المستقبل» في منتصف الطريق، في ظل تقاطع المعلومات الداخلية والخارجية عن تصعيد مرتقب سياسي وامني على الساحة اللبنانية.