Site icon IMLebanon

ليس هناك من حلّ في لبنان إلاّ بالحوار!  

 

 

في ظلّ الوضع الاقتصادي القائم… وفي ظلّ هذه الأزمات المتفاقمة والمتراكمة… هناك قادة مخلصون يسعون دائماً الى رأب الصدع، وإلى عدم رمي الوطن في هوّة وادٍ سحيق، تمهيداً لنهشه ليأتي آخرون للانقضاض على ما تبقى فيه.

 

وإذا كان لبنان قاب قوسين أو أدنى من الانهيار، فلا يعني ذلك أنه يحتضر لافظاً أنفاسه الأخيرة… من هنا بات من الضروري الاسراع في الجلوس الى طاولة حوار، سواء أكان ذلك في أروقة المجلس النيابي أم خارجه… تفادياً لمزيد من التدهور والشلل، على جميع الأصعدة والمستويات: اقتصادياً واجتماعياً… وصولاً الى إنقاذ البلد من عثراته ومآسيه… علماً أنّ هذا الحوار يجب أن يكون صادقاً ومخلصاً خوفاً من العودة الى أيام سابقة حالكة مضت قد تدخلنا في أتون نفق مجهول.

 

إنّ ثمة ظاهرة سوسيولوجية غريبة يتميّز بها اللبنانيون: فهم وطنيون ومسالمون وتضامنيون خارج وطنهم… لكنهم ومنذ اللحظة التي تطأ فيها أقدامهم أرض الوطن، يتحوّلون الى فئويين عنيفين وانقساميين، لا يترددون في ارتكاب الانتحار الذاتي، بدل التوصل الى صيغة تفاهم وطني مع إخوتهم في الوطن.

 

لقد اقترح دولة الرئيس نيبه بري، رئيس مجلس النواب حواراً دعا إليه للخروج من «عُنُق الزجاجة» والمأزق الذي حشرنا فيه… فقوبل دولته بمعارضة من جعجع ورفاقه وحلفائهما، ما اضطره الى التراجع عن دعوته الى الحوار للبحث في انتخاب رئيس جديد للجمهورية كرد على موقفي «لبنان القوي» و»الجمهورية القوية».

 

لقد أصدرت الدائرة الاعلامية في «حزب القوات» بياناً -يومذاك- دعت فيه الرئيس بري الى «سحب دعوته الى الحوار، والعودة الى نصوص الدستور -كذا- من خلال دعوة المجلس الى عقد جلسات مفتوحة».

 

وبعد موقف «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر» برفض الحوار الذي دعا إليه دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري، عكست أجواء عين التينة امتعاضها من موقف الأطراف الرافضة لمنطق الحوار على أهم استحقاق دستوري… فدولة الرئيس نبيه بري لا يريد فرض حوار بـ»القوة»، فهم في البداية رفضوا الحوار في عين التينة وطلبوا أن يكون الحوار في مجلس النواب… وعندما دعا دولته الى حوار في مجلس النواب رفضوه… واعتبروه منافياً للدستور، في حين ان هذا الحوار هو لتسهيل انتخاب الرئيس.

 

إنّ لبنان بني في الماضي على حوارات أنقذته في كثير من المرات، وإن كانت بعض هذه الحوارات قد فشلت لغايات في نفس «يعقوب»، فالحوار لم يتوقف من جنيڤ في سويسرا في 31 تشرين الأول عام 1983 واستمر حتى 4 تشرين الثاني. ويمكن القول إنّ هذا المؤتمر لم يفشل تماماً، إذ صدرت عنه عدّة مقررات أبرزها تشكيل حكومة وطنية برئاسة المرحوم الرئيس رشيد كرامي تضم قادة الأحزاب. ثم كانت محطة «الطائف» الذي بات دستوراً للبنان وأرسى دعائم الوفاق والتفاهم.

 

ومع تفاقم الأزمة السياسية والأمنية إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري ودخول البلاد في حال شلل، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى طاولة حوار وطني… كانت أولى جلساتها في 2 آذار 2006، وآخر جلسة في تشرين الثاني 2006… وبعد 7 جلسات توقف الحوار في 24 تشرين الثاني من دون نتيجة بفضل ضغوط اميل لحود.

 

والمحطة الأخرى كانت طاولة الحوار في بعبدا، بعد انتخاب الرئيس ميشال سليمان رئيساً للجمهورية برعايته في 16 أيلول 2008، وبعد 19 جلسة آخرها في أيار عام 2014 توقف الحوار بعد انتهاء ولاية الرئيس سليمان سبقها مقاطعة الجلسات من قِبَل حزب الله والقوات اللبنانية، وانحرفت الدعوات عن وجهتها ليدعو غبطة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى التأكيد على ضرورة عقد مؤتمر دولي لإنقاذ لبنان، والدعوة الى حوار عميق وليس الى حوار شكلي.

 

وننتقل الى ما أسميه «حوار لودريان» الذي عانى الأمرين في تسويقه نتيجة الانقسامات الداخلية العميقة…

 

المطلوب حوار جدّي وبنّاء ومخلص وصادق ينقذنا من «حرّ جهنم»… بالتأكيد لا نريد حواراً شكلياً بين الجدران «الأربعة»، لأنّ هذا النوع من الحوار شيء، وهو على أرض الواقع شيء آخر.

 

إنّ رفض الحوار «اليوم» وهو -كما أعتقد- الممر الوحيد لإنقاذ لبنان يعتبر جريمة بحق الوطن وبحق الشعب اللبناني الذي يعاني من مآسٍ لا تنتهي..

 

فليفكّر اللبنانيون مليّاً بالأمر، وليسعَ السياسيون الى الالتحاق بركب حوار مرتبط بوجود رغبة أكيدة لدى الأفرقاء اللبنانيين لمعالجة هذا الجمود الحاصل في البلد.. ويبقى السؤال المطروح: هل لدى سمير جعجع ومن يرفض معه الحوار رغبة في إنقاذ لبنان؟

 

باختصار، إنّ سمير جعجع ورافضي الحوار، يضيّعون وقتهم… وهم منظّرون وبعيدون عن الواقع بالتأكيد. ونسألهم: هل ترك البلد بدون رئيس بطولة؟ وماذا نقول للشعب الجائع الفقير الذي بات قاب قوسين أو أدنى من الهلاك؟

 

أطالب رئيس «القوات اللبنانية» بالالتفات الى هذا الشعب، فإن كانت مصادر تمويل «القوات»، وتمويل الحزب معروفة… فمَن يقدر على تأمين مصادر التمويل لهذا الشعب المنكوب؟

 

يا رافضي مبدأ الحوار… لا تتمادوا في عنادكم… وعودوا الى جادة الصواب… إذ ليس هناك من حلّ لمشكلة الرئاسة في لبنان إلاّ بالحوار…