بات من المسلم به أن العقدة الأساسية التي تحول دون الوصول إلى إنجاز الإستحقاق الرئاسي، تكمن بغياب الرغبة بالحوار من قبل الأفرقاء المسيحيين، الأمر الذي تطرح حوله الكثير من علامات الإستفهام حول أسبابه الحقيقية، لكن في المجمل كل الأسباب تصب في غياب الرغبة بإنتخاب رئيس وفق المعادلة الراهنة.
في هذا السياق، ترى مصادر سياسية متابعة أن موقف حزب “القوات اللبنانية” لا يمكن فصله عن التطورات الخارجية، حيث هناك من لا يزال مصراً على رفض الذهاب إلى حوار مع حزب الله، وبالتالي الأساس في هذا الموقف إنتظار ظروف أفضل للتسوية، بعد أن بات الجميع يسلم أن مفتاحها خارج الحدود اللبنانية، في حين أن مواقف العديد من الجهات الداخلية ستتبدل عند وصول كلمة السر.
هذا الواقع، هو الذي يدفع العديد من الأوساط السياسية إلى التأكيد بأن موقف الحزب الحالي، يعني عدم رغبته بالذهاب إلى إنتخاب رئيس جديد، بالرغم من الحرص الذي يبديه على الذهاب إلى جلسات إنتخاب مفتوحة، يعلم أن أحداً من المرشحين لن يكون قادراً على الوصول الى الأعداد المطلوبة للجلوس على كرسي الرئاسة.
ترى “القوات” أن المطلوب كشرط أساسي للحوار هو تخلي “الثنائي الشيعي” عن مرشحه، إذ تعتبر أنها برفقة الحلفاء والأصدقاء والمتقاطعين، تنازلوا عندما سحبوا ترشيح ميشال معوض وطرحوا مرشحاً وسطياً هو جهاد أزعور، وبالتالي فإن هذا التنازل لم يقابله أي تنازل من الفريق الآخر، ما يعني بحسب وجهة نظر “القوات” أن حزب الله يريد الحوار لفرض مرشحه.
كذلك لا يمكن عزل موقف “القوات” عن الموقف السعودي الرافض للحوار، والذي يعتبر أن الحوار بهذا التوقيت قبل الانتخاب، قد يقود الى الحديث في اتفاق الطائف، لذلك فإن موقف السعودية في اللجنة الخماسية كان واضحاً لناحية رفض عقد طاولة حوار، بحيث من الأفضل بحسب وجهة النظر السعودية أن يُنتخب الرئيس ويقود هو طاولة حوار للحديث في الإصلاحات المطلوبة.
إذاً تعتبر “القوات” أن الجلوس على طاولة حوار سيكون تنازلا إضافيا مجانيا منها، سيقود بكل تأكيد الى تنازلات إضافية، بينما المطلوب تطبيق الدستور والدعوة لجلسات انتخاب مفتوحة، ومن يربح السباق فليربحه بأصوات النواب داخل الندوة البرلمانية.
بالنسبة إلى “التيار الوطني الحر”، الموضوع لا يختلف كثيراً، بالنسبة إلى أن معادلة الإنتخاب الحالية لا تناسبه، لكن الأسباب التي تقف وراء رفضه للحوار متعلقة بأوضاعه الداخلية أولاً، فرئيس التيار جبران باسيل، يدرك أن أي حوار سيضعه أمام خيارين: رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية أو قائد الجيش العماد جوزاف عون، بينما هو لا يريد أيا من الإسمين، ويفضل الذهاب إلى خيار ثالث، ما لم يكن ينتظر تبدلاً يعيده إلى دائرة المرشحين.
أما السبب الثاني فيتعلق بخطوات حزب الله تجاه قائد الجيش، قبل لقاء محمد رعد مع جوزاف عون كان التيار منفتحاً على حوار رئيس المجلس النيابي، لكنه بعد اللقاء عاد الى نغمة فرض الشروط، فالتيار يخشى أن يقود الحوار الى التوافق على قائد الجيش للرئاسة.