تركّز الأجواء السياسية الداخلية، وبشكل خاص على مستوى العهد والحكومة، على إجراء المشاورات تمهيداً لتحديد موعد جلسة الحوار الوطني المقبلة في قصر بعبدا، وسط تضارب في مواقف القيادات السياسية والحزبية التي دأبت على المشاركة في جلسات الحوار خلال السنوات الماضية، ولكن مصادر نيابية مواكبة، أعربت عن خشيتها من أن تسبق الإنهيارات على عدة مستويات، أي نقاشٍ سياسي يتمّ التحضير له، وذلك، بمعزل عن كل العناوين والملفات المدرجة على جدول أعمال هذا الحوار.
واعتبرت هذه المصادر، أنه بين الإنتقاد والتأييد اللذين قد سُجّلا في إطار ردود الفعل على دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى طاولة الحوار، فإن الأبرز يبقى في الدينامية السياسية التي انطلقت في الأيام القليلة الماضية، وتوصّلت إلى توحيد الآراء ما بين المتخاصمين سياسياً منذ فترة طويلة، كما الذين اختلفوا حديثاً على مقاربة ملفات قانونية وقضائية ومالية، وبالتالي، فإن الجهود اللافتة التي يبذلها فريق رئيس الجمهورية من جهة، وحزب الله من جهة أخرى، قد نجحت في جمع معارضين للعهد كرئيس «تيار المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، على الإلتقاء على أهمية البدء بالنقاش الصريح لكل المواضيع التي كانت قد انقسمت حولها الآراء داخل الفريق الواحد في المرحلة الماضية.
وبرأي المصادر النيابية نفسها، فإن الظروف السياسية التي اسُتجدّت في الأشهر الماضية، وتحديداً منذ تعليق جلسات مجلس الوزراء،هي التي دفعت نحو ما يشبه حال الإستنفار داخل صفوف فريق الثامن من آذار، في مسعى لإعادة ترميم الصفّ الواحد والحدّ من التصدّع في الجبهة السياسية الواحدة، نتيجة الخلافات التي يرتدي بعضها طابعاً هو أقرب إلى الشخصية مما هو إلى السياسية، ما انعكس بالتالي على كل المعادلات الداخلية، وساهم في إضعاف هذا الفريق عشية مرحلة حافلة بالإستحقاقات السياسية والإنتخابية والإقتصادية الداخلية والخارجية. ومن هنا، فإن القضايا المعيشية الوطنية والسياسية التي ستشملها طاولة الحوار المقبلة، هي التي سوف تحدّد وجهة وأهداف ونتائج الحوار، كون التباين ما زال واضحاً حول مجلس الوزراء، خصوصاً بين فريق رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي من جهة، وبينه وبين وزراء «الثنائي الشيعي» من جهة أخرى.
وفي السياق نفسه، فإن المصادر النيابية ذاتها، لا تستثني الحسابات الإنتخابية من عملية الحوار المطروح، وتؤكد أن بعض القوى السياسية التي أعلنت مشاركتها المبدئية في أي نقاش لحلّ قضايا وطنية ومصيرية، أبرزها لجم الإنهيار المتسارع، قد وضعت لنفسها هامشاً من التحرّك فيما لو شعرت، وفي أي لحظة من اللحظات، أن الموضوع، يخضع للإعتبارات السياسية والإنتخابية، وبالتالي الحسابات الظرفية. لكن هذه المصادر، تستدرك موضحةً أن العناوين الأساسية المطروحة، وهي: التعافي المالي، اللامركزية، والإستراتيجية الدفاعية،هي بمثابة المؤشّر على وجود هدف واحد للحوار، وهو منعزل عن الملف الأبرز المطروح اليوم وفق الحسابات السياسية، وهو موضوع الإنتخابات النيابية المقبلة. وعليه، تجزم المصادر النيابية نفسها، بأن جدول الأعمال المطروح يعني كل اللبنانيين من دون استثناء، سواء المشاركين أو الممتنعين عن المشاركة في هذا الحوار.