IMLebanon

حوار طاولة الحوار !

بادر سفير دولة كبرى، زميله بأن حوار طاولة الحوار يبقى حواراً باهتاً، ينقصه الحوار، الا اذا ما اتفق المتحاورون على استمرار الحوار.

ماذا يعني قول السفير الأوروبي لزميله؟

وماذا يعني أن تتحول جلسات الحوار الى ما يشبه دعوات الرئيس نبيه بري الى جلسات انتخاب رئيس جديد للجمهورية؟

وعقب السفير على هذه الأقوال، بأن التباينات مشروعة، لكن الحوار للخلاف ليس حواراً، ولا يكتسب مشروعيته من التباينات.

في العام ١٩٥١ نام الأستاذ حميد فرنجيه، وقبل صعود فجر اليوم التالي، سأل الرئيس السوري أديب الشيشكلي قائد الجيش السوري اللواء شقير، ما الفرق بين حميد فرنجيه وكميل شمعون؟ فرد بأن الاثنين يتمتعان بالكفاية السياسية، لكن الثاني اشتهر بأنه صاحب لقب فتى العروبة الأغر.

وانبلج الصباح على كميل شمعون رئيسا للجمهورية اللبنانية.

الا ان حميد فرنجيه، خرج من المعمعة الرئاسية، لأن الرئاسة أبقى للبنان من المعمعة.

في العام ١٩٧٠، كانت المعركة الرئاسية الأولى على أشدها بين الرئيس كميل شمعون والشيخ بيار الجميل والعميد ريمون اده، لكن الفوز اتجه الى الرئيس سليمان فرنجيه.

وكان ما كان.

***

وعلى الرغم من القوة السياسية ل الحلف الثلاثي بين الزعماء الموارنة الثلاثة، فقد نجح التحالف الثلاثي المؤلف من الرئيسين كامل الأسعد وصائب سلام في ايصال فرنجيه الى الرئاسة الأولى، على الرغم من عواطف الزعيم الشيعي والقائد السني تجاه العميد سراً، لا علناً.

المعركة الآن تسير في الاتجاه المعاكس. ذلك ان لأركان ٨ آذار عواطفهم الجياشة تجاه الرئيس العماد ميشال عون، ولأركان تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري وبرئاسة فؤاد السنيورة، صولة معارضة لوصول زعيم التيار الوطني الحر الى الرئاسة الأولى.

إلا أن الجلسة الثالثة للحوار أمس، عقدت ساعتين من الحوار شارك فيه الأقطاب نبيه بري، تمام سلام، محمد رعد، فؤاد السنيورة ومعظم أركان الصقور للاتفاق على التعيينات الأمنية.

ويقول سفير دولة أوروبية، إنه لا يفقه ماذا يريد أركان ١٤ آذار.

وهم ضد ٨ آذار، وهذا من حقهم.

وهم ضد مرشحهم العماد عون، وهذا رأيهم.

لكن السفراء لا يتفهمون معارضتهم لترشيح العماد شامل روكز الى رتبة لواء، ولا أحد منهم يرى فيه عيباً واحداً.

هل حقق الاجتماع في مكتب رئيس المجلس خرقاً لهذه الممانعة غير المبررة، أم ان المساعي التي يقودها الاستاذ وليد جنبلاط لتحقيق الخرق المطلوب، قد حققت ما يتوافق عليه الرئيس نبيه بري، ويسعى اليه الزعيم التقدمي؟

***

اذا كانت الزعامة مخيفة، فهل الكفاية مخيفة أيضاً؟

واذا كان بعض السياسيين، تعوّدوا أن يروا في الرئاسة الأولى، وجوهاً سياسية لا رؤساء ولا قادة، هل يعتقدون أن انقضاء سنة وخمسة أشهر من عدم وجود رئيس جمهورية، عادة سياسية للمتابعة؟

طبعاً، الأمور لم تعد طبيعية في البلاد.

أنظروا الآن ما يجري في الشارع من حراك سياسي، وحركات تظاهرية.

والأمور بدأت تفلت من أيدي ٨ و١٤ آذار والمستقلين.

وزمان عرض الوظائف بالمزاد العلني انقضى.

ومَن يكررون اللعبة، عليهم أن يدركوا ماذا يتربص بهم من مصائر ومخاطر.

صحيح، ان اركان الطوائف يستولون على الوظائف.

لكن، ليس في كل يوم يجد الناس أمثال البطريرك الحويك، في تكوين لبنان الكبير.

والتصغير لم يعد يخيف لبنان، لأن التكبير يكون مثل التصغير أحياناً.