Site icon IMLebanon

الحوار غداة عيد الجيش دعوة  للعودة الى زمن الطهارة

عند الساعة صفر من يوم الأول من آب/ أغسطس لعام ١٩٤٥، تم وضع الجيش اللبناني وحدات عسكرية من ثلاثة آلاف ضابط وجندي تحت السلطة الكاملة للحكومة الوطنية اللبنانية، بعد ثلاثة أسابيع من التفاوض مع القيادة المشتركة للانتداب الفرنسي – الانكليزي. وهكذا وُلدت المناسبة بصفة عيد وطني، وليس مجرد ذكرى، وهو العيد الحادي والسبعون الذي احتفل به لبنان امس… وما جمع بين السياسة والعسكر في ذلك الحين هو الاستقلال الوطني عن التبعية الأجنبية.

***

جمعت طهارة اللحظة الاستقلالية بين مساري السياسة والجيش في البداية، ثم لاحقاً بدأت تظهر تشوهات في العمل السياسي، من تنافس تحول الى صراعات، وتزاحم على القيادة والنفوذ والمصالح والمنافع، وأخذت تتعاظم مع الوقت، وتؤدي الى شروخ وانقسامات، تفاعلت مع الصراعات والانقسامات الاقليمية والدولية في المنطقة… في حين ان الجيش استمر بصفة عامة في ظل قيادته، ملتزماً بنهجه وبدوره الوطني المستقل وبعيداً عن النزاعات الداخلية. وبلغ الذروة في المهابة في عهد قيادة اللواء فؤاد شهاب.

***

عندما عصفت الأزمة السياسية بالبلاد في العام ١٩٥٨، وجد الداخل اللبناني والخارج الاقليمي والدولي في الجيش وقائده الملاذ والمنقذ. وبهذا انتقل اللواء فؤاد شهاب من قائد للجيش الى رئيس للجمهورية في اطار الضوابط الدستورية والمدنية. وهكذا أصبحت الأنظار تتجه الى الجيش كلما عصفت بالبلاد أزمة سياسية طاحنة. غير أن التشوهات السياسية العميقة في البلاد لم توفر الجيش في بعض المراحل، واصابته ببعض ملوثات السياسة وأمراضها، ولكنه سرعان ما استعاد حصانته ومهابته… ولكن استمرت المخاوف من طغيان الأوهام لدى البعض، من أن تصبح قيادة الجيش كرافعة للقفز الى رئاسة الجمهورية!

***

… واليوم يأتي التوقيت الذكي لجلسات الحوار الوطني الثلاث غداة العيد الوطني للجيش وكأنها دعوة للعودة للطهارة السياسية والعسكرية على غرار ما كان عليه الأمر في لحظة الطهارة الاستقلالية. وعلى الرغم من أن وقائع السياسة الانقسامية المترهلة اليوم، والضحالة غير الخلاقة لدى السياسيين، لا توحي بامكانية حدوث تغيير، الا ان مشكلة الرئيس نبيه بري كانت دائماً مع نفسه ومع أحلامه في احداث خروقات تحول الحلم الى حقيقة. وتشوهات السياسة اللبنانية جعلت من اللبننة مثالاً عالمياً في الحروب الداخلية، ويأتي الرئيس بري اليوم ليطرح على المتحاورين هذا السؤال: لماذا لا تحول اللبننة اليوم الى مثال عالمي في السلم؟!

***

قيل الكثير عن أسباب نجاح مؤتمر الدوحة في ايجاد حلول لأزمة سياسية مستعصية في لبنان. وما لم يقل – الا نادراً ربما – ان السر الحقيقي لنجاح مؤتمر الدوحة هو وجود الممول القطري… فهل تحتاج معجزة الحوار الوطني الى ممول لبناني؟!