ربما للمرة الأولى يتّسم خطاب السيّد حسن نصر الله في شقّه الداخلي بالهدوء والدعوة إلى حوار بين كل الأفرقاء لإنتاج تفاهم حول المسائل الخلافية.
وربما للمرة الأولى أيضاً يتجنّب السيّد الرد على ما تضمنه خطاب الرئيس سعد الحريري في الذكرى العاشرة لاستشهاد والده من إنتقادات حادّة لحزب الله بسبب بقائه في سوريا يحارب إلى جانب نظام بشار الأسد الذي يُمعن في قتل شعبه حتى بلغ عدد ضحاياه ربع مليون شهيد.
ويمكن استناداً إلى ما تضمنه خطاب السيّد حسن الهادئ في مناسبة تكريم شهداء المقاومة البناء عليه لإعادة الثقة بين مكوّنات الرابع عشر من آذار والثامن منه، لا سيما على صعيد التعاون لإنتاج رئيس جديد للجمهورية وعدم الاتكال على الخارج، لأن هذا الخارج لا يضع لبنان والاستحقاق الرئاسي من ضمن اهتماماته، خصوصاً وأن ما يفرّق بين اللبنانيين وقياداتهم هو سلاح حزب الله الذي حيّدته قوى 14 آذار عن المسائل الخلافية الأخرى كالإستقرار الأمني من جهة وملء الفراغ في رئاسة الجمهورية من جهة ثانية، باعتبار أن هذا الأمر في حال استمراره يعرّض هذا البلد إلى أخطار وجودية.
ومن نافل القول أن خطاب السيّد نصر الله سهّل عملية الحوار الدائر بين الحزب وتيار المستقبل من أجل الوصول إلى تفاهمات تعجّل في انتخاب رئيس جديد للجمهورية يبدّد من هواجس المسيحيين من وجود مؤامرة تستهدف وجودهم في هذه المنطقة خصوصاً وأنه لا يوجد في نظرهم أي سبب مُقنع لإبقاء سدة الرئاسة الأولى التي تعود للمسيحيين بدون رأس رغم مرور حوالى التسعة أشهر على الاستحقاق الرئاسي.
وكان اللافت أيضاً في خطاب السيّد دعوة إلى وضع استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب القادم من وراء الحدود تاركاً من خلال هذه الدعوة مجال الاجتهاد حول أن يكون سلَّم ضمناً بأن بقاء قواته في سوريا والعراق أصبح مؤقتاً في حال التوصل إلى استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب، وذلك عطفاً على مواقفه السابقة التي تجاهل فيها الدعوة إلى سحب مقاوميه من سوريا، والالتزام بالدولة وبسياستها القائمة على النأي بالنفس حيال ما يجري في سوريا وفي العديد من الدول العربية.
والسؤال هل أن هذا الهدوء الذي تميّز به خطاب السيّد نصر الله يشرّع الأبواب أمام توسيع رقعة الحوار بين اللبنانيين ويعجل بالتالي في إعادة الاعتبار لطاولة الحوار الوطني التي توقفت بسبب رفض الحزب لسياسة النأي بالنفس ولإعطاء الأولوية لوضع الاستراتيجية الدفاعية ولأن يكون القرار السلم والحرب بيد الدولة اللبنانية وليس بيد أي أحد آخر بمن فيهم حزب الله كما هو واقع الحال؟