IMLebanon

حوارات لا تنتج رئيساً.. تزيد المخاطر!

لماذا يتوافر الغطاء السياسي في مكان ويغيب في آخر؟

حوارات لا تنتج رئيساً.. تزيد المخاطر!

فجأة انسحب انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية من التداول اليومي. على الرغم من مرور 235 يوماً على الفراغ في المنصب الأعلى، إلا أن أيّاً من القوى السياسية لم تعد تبدي حماسة في الدفع الفوري لانتخاب رئيس. تراجعت اتهاماتها لبعضها البعض بعرقلة الانتخابات أو رفضها أو محاولات فرضها. استعاد الحوار مكانته، سواء بين «تيار المستقبل» و «حزب الله»، أو بين «القوات اللبنانية» و «التيار الوطني الحر». واستعيض عن القدح والذّم وتبادل الاتهامات بموجة انفتاح قاربت الود. لكن اللافت للانتباه ان كل المتحاورين يحرصون على التبرؤ من «تهمة» البحث في انتخابات رئيس للجمهورية!.

فريق «حزب الله – المستقبل» لا يريد «وضع اليد» على الاستحقاق ذي «الطابع المسيحي». والفريق المسيحي لا يريد تعكير صفو التفاهمات التي تبنى حجراً حجراً، عبر البحث في موضوع خلافي وشائك الى هذه الدرجة. وهكذا من دون اتفاق او توافق معلن، يبدو موضوع انتخاب رئيس للجمهورية مرحّل الى اجل غير مسمى او معروف.

والأخطر أن الناس اعتادوا على هذا الغياب، فما عادوا يعتبرونه أمراً جللاً أو مؤثراً، سواء على الحياة السياسية او على يوميات الحياة العادية.

يعتبر أسقف ماروني أن «الكنيسة بكل طوائفها تبدو الجهة الوحيدة التي لا تزال ترفع الصوت صادقاً بالرغبة في الإتيان برئيس للجمهورية». يرفض الأسقف اي اتهام بتحمل الكنيسة، المارونية تحديداً، جزءا من مسؤولية الفراغ عبر الأسلوب الذي تعاطت به مع هذه القضية، مؤكداً أننا «حاولنا ان نجمع ونقرب وجهات النظر بين المختلفين، وحذرنا قبل اشهر من الاستحقاق بوجوب احترام المهل الدستورية، وحمّلنا النواب مسؤولية ضميرية بوجوب انتخاب رئيس. وتوجهنا الى كل الدول المؤثرة، سواء بزيارات مباشرة او عبر سفرائها، للطلب اليهم تسهيل الانتخاب، ماذا بوسعنا ان نفعل اكثر؟ لا يمكننا، ولا نريد، ان نحل محل السياسيين الذين عليهم انتخاب رئيس للجمهورية امس قبل اليوم وقبل الغد».

بعيداً من المناشدة الكنسية المتواصلة لإتمام الاستحقاق المهدور والمغدور، لا تبدو في الأفق ملامح جدية لانتخاب رئيس. وما المواعيد التي يضربها بعضهم في أواخر شباط او أوائل آذار إلا من باب التكهن او محاولات القراءة بين سطور الاستحقاقات الإقليمية والدولية وإسقاط الأماني عليها.

يجزم سياسي وسطي ان «موعد الاستحقاق في علم الغيب. فقد خسر اللبنانيون فرصة التوافق على رئيس، وها هم يهدرون مزيداً من الوقت في حوارات حول امور كثيرة فيما المطلوب واحد. ستعيِّن لنا الدول رئيساً حين يناسبها ذلك، وفي الانتظار يشغل اللبنانيون أنفسهم بعلاجات موضعية فيما المرض بات بحاجة الى عملية جراحية». ويعتبر ان «الخطير في الموضوع ان الناس بدأت تشعر ان الامور تسير بوجود رئيس او بغيابه. فملف السجون يعالج بحزم وملف النفايات يجد طريقه الى الحل وملف السلامة الغذائية يفتح على مصراعيه، وما كان عصياً بوجود رئيس يتم بوجود 24 رئيساً، في محاولة لإبقاء الامور تحت السيطرة والتكيف معها».

وهل المطلوب تعليق اي جهد او عمل وزاري بانتظار انتخاب رئيس غير محدد التاريخ؟ يجيب السياسي المسيحي «الأكيد ان ليس هذا هو الهدف، انما المطلوب تضافر كل هذه الجهود للتوافق على رئيس. صحيح ان للوزيرين وائل ابو فاعور ونهاد المشنوق ارادة شخصية ورغبة في العمل والإنجاز ومتابعة ملفاتهم بجدية ومسؤولية، لكن أياً من إنجازاتهم المحمودة والمشكورة ما كانت لتحصل لولا الغطاء والتوافق السياسي الواسع. فلماذا يمكننا ان ننجح ونتوافق في مكان ونعجز عن ذلك في مكان آخر؟».

يتوافق السياسي كما الأسقف على ان «كل حوار لا يفضي الى انتخاب رئيس للجمهورية لا يعوّل عليه، وهو لعبٌ في الوقت الضائع يزيد من المخاطر على البلد وأهله».