الدروب المؤدية إلى الرئاسة لا تزال مقفلة
الحوارات تتوسّع.. وهواجس المسيحيين على الطاولة
أثارت المعلومات عن قرب حصول الحوارات بين القوى المختلفة، ارتياحاً سياسياً وشعبياً، يفترض أن ينعكس على مؤسستي الحكومة والمجلس النيابي، تسهيلاً للعمل التشريعي والتنفيذي ومعالجة الملفات العالقة، وهو بهذا المعنى لا يريح الشارع المحتقن بفعل بفاعل فقط، بل يفترض أن يريح الحكومة، لا سيما في معالجة مسائل إطلاق مناقصات النفط والنفايات الصلبة والهاتف الخلوي وسواها من أمور تنفيذية معطلة بسبب النكد السياسي، عدا عن ان التفاهم يسهم في تحصين البلد أمنياً.
ولعل جلوس «حزب الله» مع «تيار المستقبل»، و«حزب الله» مع حزب «الكتائب»، قد فتح باب الحوار أيضاً بين «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية»، ما يخلق مساحة واسعة من النقاش، ولو حول أمور تفصيلية جزئية داخلية من دون الملفات الكبرى في المرحلة الأولى، وهي الملفات التي لها ارتباطات وثيقة إجبارية بملفات المنطقة الساخنة. وهكذا يتمّ التحضير على خطوط موازية لمجموعة حوارات، ولو كان أساسها ومنطلقها حوار «حزب الله» و «المستقبل»، وهي تتمدّد لتشمل القوى المسيحية كلها صاحبة الكلمة في ملف الاستحقاق الرئاسي، المعطل نتيجة خلافات القوى المسيحية.
وتؤكد مصادر وزارية ونيابية متابعة لحوار «حزب الله» ــ «المستقبل» رسمياً، أن الجلسة الاولى التي ستعقد مساء اليوم في عين التينة برعاية الرئيس نبيه بري، سيتم خلالها وضع جدول أعمال الحوار بشكل مفصل لينطلق البحث جدياً بعد الأعياد، وربما تعقد جلسة أخرى بين العيدين.
وتلاحظ المصادر أنه تم اختيار شخصيات حوارية لا صدامية، لكنها تدعو الى عدم استباق الامور حول ما يمكن أن يتوصل اليه الحوار من نتائج عملية، لكن الأكيد أن من ضمن عناوينه العامة: تفعيل العمل الحكومي والتشريعي، ومحاولة الاتفاق والتعاون على مواضيع ومشكلات عالقة من شأن حلها أن يريح مؤسسات الدولة ويسهل عملها بقدر ما يريح الشارع والناس ويحفظ الوحدة الوطنية، إضافة الى سبل مكافحة الإرهاب وتثبيت الاستقرار الامني.
كما اكدت المصادر أن الحوار جارٍ منذ فترة على خط موازٍ بين «حزب الله» و «الكتائب»، بدأ به عن «حزب الله» النائب الدكتور علي فياض وعن «الكتائب» النائب ايلي ماروني وأحياناً النائب سامي الجميل، لتبادل وجهات النظر والمقاربات حول كل المواضيع الأمنية والسياسية والإجرائية الشبيهة بعناوين الحوار بين الحزب و «المستقبل»، ولكنها أوضحت أن «هناك جدول أعمال أوسع بقليل يتضمن قضايا وملفات أساسية داخلية، ولاحقاً سيتضمّن ملفات ذات بعد استراتيجي لم يحُن أوان الخوض فيها، لكن حتى الآن لا تشمل عناوين البحث القضايا المختلف عليها مثل سلاح المقاومة ودور الحزب في سوريا».
ويبدو من التوجّهات العامة للحوار المرتقب، وحسب المتابعين له، أن ملف الرئاسة لا زال مؤجلاً البت به، لذلك يجري استهلاك الوقت في الحوار حول الأمور الإجرائية التفصيلية الداخلية، ولا يمكن التعويل على تفاهمات حول الملف الرئاسي، إلا بالحوار المفترض أن يتم بين النائب العماد ميشال عون وبين الدكتور سمير جعجع، وبين الطرفين وحزب «الكتائب» و «تيار المردة»، طالما أن القوى الإقليمية، لا سيما السعودية، قد ألقت كرة هذا الاستحقاق على القوى المسيحية بالدرجة الاولى، وهو ما ظهر من نتائج لقاءات جعجع في السعودية.
لكن المشكلة تكمن في تباعد مواقف الأطراف المسيحية من الاستحقاق الرئاسي ومن ملفات اخرى سياسية، نتيجة ارتباط بعضها بحسابات، منها الخاص ومنها الإقليمي، ونتيجة استحالة التوافق بين بعضها البعض على أي شخصية للرئاسة حتى الآن. وحسب أوساط مسيحية متابعة، فإن ما حصل حتى الآن تم بجهد البطريرك بشارة الراعي الذي قام بحركة اتصالات ولقاءات مع اغلب القوى المسيحية كل لوحده، لكنه لم يستطع التوصل الى تفاهم على عقد لقاء موسّع لكل الأقطاب المسيحيين وبخاصة «الموارنة الأربعة الكبار».
وتفيد المعلومات أن «تيار المردة» لم يتبلغ شيئاً عن اللقاء المرتقب بين عون وجعجع ولم يتحدث به أحد أمامه، وقد تبلغ بحصول اتصالات بين الطرفين من بكركي فقط، لكن أوساط «المردة» تقول: إننا مع أي حوار يحصل بين أي مكونين سياسيين، لا سيما بين «حزب الله» و «المستقبل» وبين عون وجعجع، حول أمور إجرائية تريح الوضع الداخلي، لكننا أيضاً واثقون أن حلفاءنا لا يمكن أن يقاربوا موضوع الاستحقاق الرئاسي في هذه الحوارات بمعزل عنا، خاصة أن كل الأجواء توحي أن كل الدروب المؤدية الى انتخابات رئاسية لا زالت مقفلة حتى الآن، ومواقف «المردة» و»التيار الحر» و «القوات» لا زالت مكانها.
الا ان المتابعين للاتصالات التحضيرية بين عون وجعجع يؤكدون «أن التواصل قائم، لكن بتكتم شديد حتى لا تسلق الجلسة بينهما، وهناك نقاش جار يسبق الجلسة تتركز عناوينه حول الوضع المسيحي بشكل تفصيلي، من موضوع الرئاسة الى الهواجس المسيحية مما يجري في المنطقة، الى قانون الانتخاب الذي يؤمن تمثيلاً مسيحياً صحيحاً، وفور نضوج الاتصالات التحضيرية يمكن الحديث عن موعد عقد اللقاء».