الحوارات ملاذ القانطين، واستراحة المتخاصمين، ودوامة العاجزين عن ايجاد المخارج والحلول للقضايا المعقدة أو العالقة.
وفي لبنان اليوم ثلاث حلقات حوارية ثنائية، بعضها قديم بل يمكن اعتباره مزمناً، كالحوار الشهري بين بكركي وحزب الله الذي دخل عامه العشرين، وبعضها اسبوعي إبن السنة وبضعة أشهر، كالحوار بين تيار المستقبل وحزب الله، فالحوار الثنائي بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، الذي تلا ما قبله ببضعة أسابيع.
الحوارات الثنائية أو حتى الجماعية، عرفها لبنان منذ اندلاع أزمته الأم عام ١٩٧٥، وكانت بغالبيتها حوارات من أجل الحوار، أو استراحات قصيرة بعد جولات عنف طويلة، بعضها داخلي، والبعض الآخر خارجي، وغالباً ما كانت الحوارات الخارجية أجدى وأنفع، من جنيف الى لوزان، الى الطائف فالدوحة، وما ذهب المتحاورون الى الخارج إلاّ وعادوا باتفاق أو تفاهم.
لكن لماذا الكنيسة القريبة لا تشفي؟ هذا السؤال يطرح نفسه، حين نرى ان الحوارات الثنائية الثلاثة القائمة، تواجه حالة استحالة في انتاج ما يتجاوز حدود الاتفاق على حماية الاستقرار الأمني النسبي القائم، رغم رعاية طرف ثالث لإحدى هذه الثنائيات، عنيت الرئيس نبيه بري، الذي يستضيف حوار حزب الله – المستقبل في عين التينة.
والحوارات الثنائية الثلاثة متوقفة عند جدار رئاسة الجمهورية…
في الحوار الشهري بين بكركي وحزب الله الذي يضم المطران سمير مظلوم والأمير حارس شهاب من جهة والحاج محمود قماطي ومصطفى الحاج علي من جهة ثانية، الإختلاف واضح في وجهات النظر، ولذلك يتركز البحث على القواسم المشتركة، ومن بينها ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس الجمهورية. لكن الإختلاف ما زال قائماً حول مواصفات الرئيس القوي، فبكركي ترى الآن، ان الرئيس القوي هو القادر على جمع اللبنانيين على اختلاف فئاتهم، بينما يتمسّك الحزب بترشيح العماد ميشال عون بوصفه المسيحي الأقوى في مجلس النواب. وعند مناقشته بالوقائع والتفصيل، يقول: العماد عون أو من يختاره عون بنفسه…
لكن الحزب، يترك للفعاليات المسيحية، اقناع العماد عون بهذا الحل، وهذه الفعاليات ترى أن على من تسبب بالورم مداواته…
المشكلة عينها تواجه حوار المستقبل – حزب الله، مشكلة تحديد الجهة التي عليها اقناع العماد عون بتسهيل انتخاب رئيس الجمهورية، وعقدة هذه المشكلة، ان العماد عون صريح، والمطلوب العثور على من هو مستعد للتباحث معه بصراحة، وهذا ما لم تعثر عليها بكركي ولا حتى فريق ١٤ آذار، الذي حاول مرة اقناع الرئيس بري بأن يتولى هو أو من يثق به مثل هذه المهمة الصعبة، وكان جوابه حاسماً وقاطعاً، وحتى من تحت الزنار…
الحوار على محور القوات اللبنانية – التيار الوطني الحر، ما زال يدور في فلك المبادئ والمواقف والمسلمات الوطنية، ولم يقترب بعد من حياض الرئاسة، ولا تبدو ثمة محاولات اقتراب من جانب الدكتور جعجع خصوصاً، لأنه يدرك بأن مجرد طرح فكرة البديل عنه وعن العماد عون، والتي هي محور مداولات مختلف الأوساط، يكون كمن أنهى الحوار من حيث بدأ.
ووسط هذه الدوامات الفراغية، لا بد من المزيد من الانتظار على محطة المفاوضات النووية الأميركية – الايرانية، التي ما زالت على مسافة شهر من الآن، لا أكثر، وقولوا ان شاء الله…