الأحزاب تستخدم مُتطلّبات الشعب كورقة ابتزاز إنتخابي لعدم خسارة عدد مقاعدها النيابية
تنتهي الثانية عشرة ليلاً بتوقيت بيروت في 20 تشرين الثاني الجاري أي منتصف ليل هذا السبت، مهلة تسجيل اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية للإنتخابات النيابية المقبلة في ربيع العام 2022، من دون معرفة إذا ما كانت هذه الإنتخابات ستجري في مواعيدها الدستورية أم لا، وإذا ما كان جميع المسجّلين سوف يقترعون أم سيُقرّرون ذلك لاحقاً. وخلال الأيام الأخيرة من التسجيل، ارتفع عدد المسجّلين بشكل سريع فاق بين الـ 15 ألف طلب يومياً، حتى بلغ قبل إقفال باب التسجيل للبنانيين غير المقيمين بيومين نحو 195 ألف ناخب، ما يؤشّر الى إمكانية وصول العدد النهائي للبنانيين المسجّلين في دول الإنتشار الى 225 أو 230 ألف تقريباً. فما الذي يعنيه هذا العدد، وهل من الممكن أن يُحدث التغيير المطلوب، وإلى صالح أي مرشّحين ستصبّ أصوات هؤلاء اللبنانيين الذين باتوا بغالبيتهم راغبين بتجربة طاقم سياسي جديد؟!
مصادر سياسية عليمة تجد بأنّ حماس لبنانيي دول الخارج للمشاركة في اقتراع النوّاب الـ 128 للمجلس الجديد، قد تضاعف عن الدورة الماضية. وقد بلغ عدد الذين تسجّلوا للإقتراع في الإنتخابات النيابية المقبلة في بلدان الإنتشار كافة، نحو 195 ألف ناخب حتى الآن (مساء أمس)، فيما كان عدد الذين أبدوا رغبتهم في الإنتخاب في العام 2018 أقلّ من مئة ألف (وتحديداً 95510 ناخبين)، غير أنّ 9845 ناخباً لم يتمكّنوا من ممارسة حقّهم الإنتخابي لعدم استيفاء الشروط القانونية، كما حُرم 2700 ناخب آخرين من حقّ الإنتخاب لعدم فتح أي قلم اقتراع في المنطقة أو الولاية التي يقيمون فيها لعدم وصول عدد الناخبين الى 200 كحدّ أدنى، وفق ما ينصّ عليه القانون رقم 44 الصادر في العام 2017.
ولهذا قُبل آنذاك 82965 طلباً من أصل 92810 مسجّلين، إلّا أنّ عدد المنتخبين منهم وصل الى 46799 أي ما نسبته 56% من عدد الناخبين، و2.5% فقط من إجمالي المقترعين في لبنان الذي بلغ عددهم مليون و870 ألف ناخب. واليوم تتوقّع وصول عدد المسجّلين الى 225 أو 230 ألف ناخب مع إقفال باب التسجيل منتصف ليل بعد غدٍ السبت بتوقيت بيروت، من أصل نحو مليون لبناني في الخارج يملكون الجنسية اللبنانية (وتحديداً 820 ألف ناخب)، ونحو 14 مليون لبناني في دول العالم، متحدّرين من أصل لبناني.
وفيما يتعلّق بإمكانية أن يُشكّل ناخبو الخارج «قوة تغييرية» قادرة على خلق كتلة مستقلّة في المجلس النيابي الجديد، أوضحت المصادر نفسها أنّ عوامل عدّة يجب أخذها بالإعتبار، قبل الحديث عن أي قوة تغييرية، أوّلها، كم سيبلغ عدد الناخبين الفعليين من المسجّلين، نصفهم أو ربعهم أو ثلاثة أرباعهم؟ وثانيها، لصالح من سينتخبون، هل ستصبّ أصواتهم بكاملها لصالح المرشّحين المستقلّين من مجموعات المعارضة والمجتمع المدني، أم أنّها ستنقسم لصالحها من جهة، ولصالح مرشحّي الأحزاب من جهة ثانية؟. علماً بأنّ ماكينات الأحزاب تنشط في دول عدّة في الخارج لتشجيع مناصريها على التسجيل لكي تحظى بأصواتهم في صناديق الإقتراع، وقد عوّلت هذه الأخيرة على أصوات عدد منهم في الدور الماضية.
كذلك فإنّ الإحصاءات تتحدّث عن ضرورة وصول عدد المسجّلين الى نحو 300 ألف ناخب لكي نتمكّن من الحديث عن حصول تغيير ما في المجلس النيابي الجديد. فحتى إذا انتخب 200 ألف لبناني مقيم في دول الخارج من أصل عدد المسجّلين ككلّ، وهذا لا يحصل عادة، بل ينتخب نصف المسجّلين أو أكثر بقليل، فإنّ نسبة هؤلاء قد لا تتجاوز الـ 11 أو 12% من نسبة عدد المقترعين للإنتخابات النيابية، إذا ما اعتمدنا عدد الذين اقترعوا في الدورة الماضية. ولا يُمكن بالتالي معرفة أو توقّع عدد المقترعين في الإنتخابات المقبلة في ربيع العام 2022 إلّا مع إجراء الإنتخابات وصدور النتائج حول عدد الناخبين واللوائح الفائزة.
من هنا، لا تجد المصادر عينها، أنّ التغيير يحصل فقط من أصوات ناخبي الخارج حتى ولو فاق عدد المسجّلين الـ 230 ألف. فإذا انتخب أكثر من نصف الناخبين في الداخل، ولصالح المرشحين المستقلّين فعلاً، وليس لصالح الأحزاب والقوى السياسية فمن الممكن الحديث عن تغيير فعلي.
وحتى الآن، ورغم تبدّل المزاج الشعبي تجاه الطبقة السياسية بسبب انهيار الوضع الإقتصادي والعملة الوطنية، وازدياد الحاجة والعوز وارتفاع نسبة البطالة والهجرة بحثاً عن لقمة العيش، إلّا أنّ المراقبين لا زالوا يتحدّثون عن تأثير الزعامة والطائفية على الناخبين، لا سيما عند حصول حادث أمني ما، يُقسم الشارع أو المنطقة على أساس حزبي وطائفي. كذلك فإنّ الأحزاب ستستخدم كلّ متطلّبات الشعب، من بطاقة تمويلية، الى تأمين الكهرباء والمازوت والغاز والدواء وغير ذلك، كورقة إبتزاز إنتخابي للحصول على أكبر عدد ممكن من أصوات مناصريها وغير مناصريها متى شعرت بأنّها ستخسر عدداً من مقاعدها النيابية في إحدى الدوائر الـ 15 المحدّدة في قانون الإنتخاب.
ولهذا أشارت المصادر نفسها أنّه على الناخبين أن يُحسنوا الخيار هذه المرّة، وألّا يوافقوا على شراء أصواتهم، مهما بلغ الثمن، ليتمكّنوا من تحقيق تغيير ما يفيد مستقبل أولادهم في هذا البلد، وإلّا فسوف ننتهي بعد أعوام وعقود مقبلة بشعب لبناني مهجّر من بلده، تحلّ محلّه شعوب دول المنطقة.