كل الدلائل تشير الى ان الرؤساء الثلاثة الكبار، رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، ورئيس الحكومة، يريدون تعويض ما فات من وقت لتشكيل الحكومة، باستعجال الخطوات التي تسبق التصويت على الثقة في مجلس النواب، او «بسلقها» اذا دعت الضرورة، كما حصل اثناء درس البيان الوزاري ومناقشته وخطوة العجلة هذه، تحت شعار كسب الوقت الذي ضاع بالتعطيل والعرقلة، قد تكون سلاحاً ذا حدين، بحيث تنقلب الصورة وتتحول السرعة المطلوبة الى تسرع قد يؤتي ثمراً فاسداً عند الحصاد او قبله، وتدفع ثمنه الحكومة والحكم والشعب في شكل خاص.
في الشكل، يمكن القول ان المعنيين بتشكيل الحكومة، وادارة البلاد، قد احترموا الاصول الديموقراطية، التي يقوم عليها النظام اللبناني، ولكن في المضمون ظهر واضحاً انه كانت هناك عودة مكشوفة الى ما كان يحصل اثناء الوصاية السورية، حيث كان يطبق نظام «ديكتاتورية الديموقراطية» او ما اصطلح على تسميته «قل ما تريد، ولكننا سنطبق ما نريد»، وهذا الامر كان واضحاً عند تشكيل الحكومة، واصبح واقعاً اثناء درس ومناقشة البيان الوزاري، حين غرد وزيرا القوات اللبنانية كميل ابو سليمان ومي شدياق، خارج سرب التسوية الرئاسية التي جددت شبابها اثناء التشكيل وبعده، وسوف تطرح نفسها على ما يبدو في مجلس النواب وداخل الحكومة على انها الراعي الوحيد للعهد الذي يسمح لمعارضيه في المجلس وفي الحكومة، ان يقولوا ما يريدون وهو ينفذ ما يريد.
المفاجأة كانت كبيرة عند البعض الذي كان يحلم بلم شمل قوى 14 آذار في الحكومة الجديدة، وتفاهمهم على ثوابت انتفاضة 14 اذار وخصوصاً وزراء تيار المستقبل، والحزب الاشتراكي عندما وجدوا ان وزيري القوات اللبنانية في لجنة صياغة البيان الوزاري، كانا الوحيدين اللذين ما زالا يتذكران ثوابت الانتفاضة، ولم يجدا القدرة ولا الدعم لتعديل ما يتناقض مع ثوابت انتفاضة 14 اذار، فاكتفيا بتسجيل اعتراضهما وفق ما فرضته «ديكتاتورية الديموقراطية» منذ اول يوم لصياغة البيان الوزاري.
***
ما يسمى قوى الصمود والتصدي والممانعة، هم اكثرية موصوفة داخل الحكومة، وداخل مجلس النواب، يضاف الى هذه القوى، من وجد ان الطريق الى السلطة والحكم، لا يمر الا من خلالها فجمع صوته الى صوتها «ديموقراطياً» في الحكومة وفي مجلس النواب، ومن شذّ عن هذه القاعدة، فليس امامه، وفق هذه القوى، سوى تسجيل معارضته للتاريخ، لان ما كتب قد كتب، ولا امكانية لتعديل او تحوير او محو.
للحاملين السلم بالعرض، والمعترضين على ما قد كتب، تفضلوا سجلوا اعتراضكم، او «دقوا رؤوسكم بالحيط».