IMLebanon

هل يُفجِّر الشيشاني «عين الحلوة» بأمر من الرقة؟

«المعاملة كالأرقام» هي الأسلوب الذي يعتمده «داعش» في التصرّف مع عناصره، فما أن يُقتل أحدهم أو يُلقى القبض على آخر حتى تأتي أوامر من القيادة بتعيين بديل «فوري» ينافس سلفه على فظاعة الأعمال.

هذا تحديداً ما حصل في عين الحلوة التي ما لبث أن قُبض على أميرها «الداعشي» عماد ياسين، حتى استبدلته بالإرهابي جمال الرميّض الفارس الملقب بـ«الشيشاني»، والذي عيّنه قيادي في «داعش» في العمليات المركزية في الرقة والمسؤول عن التخطيط للعمليات الإرهابية على الساحة اللبنانية «أبو الوليد»، الذي طُلب منه إعادة إحياء الخطة التي كان قد وضعها ياسين، بهدف ضخ بعض المعنويات للمجموعات الإسلامية، أكثر ممّا هو لإيقاع الأذى.

تداعيات يسعى «داعش» لتستيرها

مَن يقرأ الصورة في عين الحلوة بعمق يمكنه التماس التداعيات السلبية التي تركتها عملية القبض على ياسين على الجماعات الإسلامية، والتي حاولت قيادة «داعش» التستر عليها من خلال ايجاد بديل فوري له والطلب إليه بأن يكون أكثر صلابة وأشد بأساً.

وقد تكون من أبرز نتائج هذه العملية هي حال التضعضع التي تعيشها المجموعات الإسلامية داخل المخيم، والمتجسدة بفقدانها الثقة بعضها ببعض، لدرجة مقاطعة الاجتماعات وعدم التقاء القيادات، وتخوين كلّ منهم الآخر واتهامه ببيع رأس ياسين، وعلى هذا الصعيد تشير المعلومات من داخل المخيم عن «تعليق» «عصبة الأنصار» مشاركتها في اجتماعات قيادة القوة الأمنية المشتركة نتيجة الضغوط التي تعرّضت لها والاتهامات التي وُجهت إليها سواءٌ من الإسلاميين من جهة أو من القوى الوطنية الفلسطينة من جهة أخرى، ما سيترك بالتأكيد تداعياته على التواصل غير المباشر والدور الذي كانت تؤدّيه العصبة بين القوى الأمنية والجماعات الإرهابية.

واللافت أنّ جميع قيادات المجموعات الإسلامية غيّرت أماكن إقامتها، وأحد منها لا يظهر الى العلن، أكان أسامة الشهابي أو بلال بدر أو غيرهما، ويُقال إنّ فضل شاكر بات في حالة نفسية أسوأ بكثير ممّا كان عليه، وذلك نتيجة الضغط الذي مورس عليه خلال الأسبوعين الأخيرين، رغم أنه قيل له إن تسليمه لنفسه أفضل من الوصول إليه من خلال عملية أمنية، إذ إنه لن يبقى أحد خارج القانون في المخيم.

الدولة تسيطر

كلّ هذه العوامل وسواها تؤكد أنّ الأجهزة الأمنية مسيطرة على الأوضاع وتضرب بيدٍ من حديد، هي التي تمكّنت من قطع الطريق أمام تأمين «الشيشاني» المستلزمات اللوجستية للعمل بمخطط كان يقوم على تنفيذ عملية مركّبة ثلاثية انتحارية ضد مواقع للجيش انتقاماً من القبض على ياسين.

في المقابل، وُضعت علامات استفهام حول رد فعل السلطة الفلسطينية الرسمية الممثلة بـ«فتح» و«منظمة التحرير» والتي تلعب دور المتفرج وكأنها غير معنية بما يدور حواليها، فهي حتى الساعة لم تقم بالمطلوب، كما أنّ إجراءاتها دون اللازم على الرغم من إيصال الجهات اللبنانية هذه الرسالة لعزام الأحمد خلال زيارته لها حيث سمع كلاماً حاسماً بأنه لن تكون هناك أيّ إمارة إسلامية على أيّ شبر من أرض لبنان،

لا داخل المخيمات ولا خارجها، وطُلب من الجهات الفلسطينية تأدية دورها على أكمل وجه، فالدولة اللبنانية نفّذت المطلوب منها وحاولت حماية المخيم وقامت بعمليات نوعية فيه، لكن في المقابل على الجهة الفلسطينية المبادرة وإلّا تحوّل مخيم عين الحلوة لنهر بارد آخر، حيث ستصيب الـ100 ألف الموجودين فيه نكبة أخرى، ولن يكون هناك مكان آخر لاحتوائهم، إذ إنّ الجيش لن يسمح بتحضير عمليات إرهابية داخل المخيم لتنفيذها خارجه، خصوصاً وأنّ المخيم بات جمراً تحت الرماد ولا يُعرف متى يشتعل.

من جهة أخرى، تقول المعلومات إنّ آخر التحقيقات مع بعض الموقوفين تؤكد أنّ «داعش» اتخذ القرار من بعد سقوط كلّ شبكاته في الشمال، وتحوّلها الى منطقة غير حاضنة له، بنقل نشاطاته الى منطقة البقاع الغربي وهو ما سيفشل فيه، نظراً للخطط الوقائية التي تضعها الأجهزة الأمنية.

والسؤال هنا: هل سينجح «داعش» عن طريق «الشيشاني» بأخذ المخيم إلى مكان لا تحمد عقباه؟ وهل سيقبل أهل المخيم بتعريض الجيش لعمليات ثأر فيما دافع عنهم سابقاً؟ وهل سيتقاعسون في الضغط في اتجاه السلطة؟ ألم يحن الوقت الذي تحسم فيه السلطة الفلسطينية خيارها في تعايش الفلسطينيين مع المحيط اللبناني الذي قدم لهم أرضه؟

وفي جديد استراتيجية تنظيم «داعش» اعتماده على انتحاريين يُرسلون من الرقة عبر تركيا الى شمال لبنان لتنفيذ العمليات الإرهابية، مخففين بذلك من عملية تجنيد انتحاريين من الداخل اللبناني في سياق حذرهم من سقوط تلك الشبكات نتيجة الرقابة الأمنية المشددة، فهل من علاقة بين الانتحاريين الثلاثة الذين أوقفهم جهاز الأمن العام عشية تنفيذ عملهم الإرهابي في الضاحية الجنوبية بمناسبة ذكرى عاشوراء بمخطط «الشيشاني» الذي على ما يبدو فشل في توجيه ضربته الثلاثية نحو الجيش؟