Site icon IMLebanon

هل ينتقل الحريري من فرنجية إلى عون؟

ربما كان زعيم “تيار المستقبل” الرئيس سعد الحريري حسن النيّة عندما رشَّح خصمه السابق النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية بعدما أمَّن له تأييداً أوروبيّاً وفاتيكانيّاً وسعوديّاً وعدم ممانعة أميركيّة. ذلك أن هدفه كان إنهاء الشغور الرئاسي. لكن متابعين لبنانيّين لأوضاع بلادهم يعتقدون أنه لم يسلك الطريق التي تحقّق هدفه. إذ كان عليه أولاً أن يتشاور مع حلفائه المسيحيّين وفي مقدّمهم رئيس “حزب القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع وأن يعمل مع فرنجية لإنهاء المشكلة المزمنة بين الإثنين ولإقامة تعاون بينهما يذلِّل العقبات أمام انتخاب الثاني رئيساً للدولة. لكنه لم يفعل، فبدا أنه يضع حليفه المسيحي الأول أمام أمر واقع. وهذا أمر لا يحصل إلاّ إذا كانت علاقتهما تمر في مرحلة حرجة. وكان عليه، ثانياً، أن يستفيد من حوار “تياره” مع “حزب الله” للبحث في “السلّة” التي طرحها الأمين العام للأخير السيد حسن نصرالله في ظهور تلفزيوني له قبل أشهر معتبراً إيّاها في حينه شرطاً لملء الفراغ الرئاسي. وتتضمّن “السلة”، على ما هو معروف، الاتفاق على أسماء رئيس الجمهورية ورئيس أول حكومة في ولايته وعلى مهمّتها وتركيبتها وطريقة عملها، كما على أسماء أعضائها وحقائبهم الوزارية. لكنه لم يفعل ذلك معتبراً أن اختيار حليف “الحزب” و”شقيق” الرئيس الأسد وربما المرشّح الفعلي لهما للرئاسة يكفي. وكان اعتباره خاطئاً لأن “الحزب” اعتبر، بعد اكتشافه أن نشاط الحريري الرئاسي بدأ قبل أشهر، وأنه نجح في استقطاب التأييد الدولي الإقليمي اللازم لانجاح مرشّحه من دون أي تفاهم على “السلّة”، أن الهدف كان وضعه أمام أمر واقع مع حليفيه الأساسيّين إيران ونظام الأسد. وما عزّز هذا الإعتبار عدم حصوله على كل المعطيات من حليفه المرشّح رغم حصوله على قسم مهم منها، وميله إلى الاقتناع بأن الهدف هو “تشليحه” فرنجية ولاحقاً شخصيّات أخرى من 8 آذار.

إذا كان الحريري أخطأ، كما يقول المتابعون اللبنانيّون لأوضاع بلادهم، فما الذي يستطيع أن يفعله لتصحيح هذا الخطأ؟

ما يمكن أو ما يجب أن يفعله هو أن يتوجّه إلى العماد ميشال عون، مؤسّس “التيار الوطني الحر” وزعيمه الدائم والمرشّح الرسمي لـ”حزب الله”، وإبلاغه تبنّي “تيار المستقبل” ترشيحه والاستعداد لانتخابه بالتفاهم مع كل حلفائه. وبذلك يُعيد لُحمة “مستقبل” 14 آذار و”قواته” ويستعيد ربما بعض المستقّلين المسيحيّين المعترضين على فرنجية. وربما يكون ذلك هو ما ينتظره عون أو يتمنّاه. لكن ذلك لا يحل المشكلة في رأي مُتابعين آخرين. إذ لا يزال على “تيار المستقبل” أن يبحث مع “حزب الله” في “السلَّة” رغم أن الأمين العام للأخير السيد نصرالله أعلن تلفزيونيّاً رغبته في انتخاب رئيس “بسلَّة” أو من دون “سلَّة”. ذلك أن التصعيد الكبير الذي حصل بين 8 و14 آذار وتحديداً بين قطبيهما الكبيرين “الحزب” و”المستقبل” جرّاء “القرار السعودي” المعروف، والذي هدّد ولا يزال يهدّد الاستقرار الحالي في البلاد رغم هشاشته، أعاد أزمة رئاسة جمهوريّة لبنان إلى المربَّع رقم واحد. والانتقال منه مجدّداً سيكون مستحيلاً من دون حوار جدّي ومخطّط له بعناية ومُمرحل. علماً أن بعضاً ثالثاً من المُتابعين اللبنانيّين يعتقد أن “حزب الله” لم يكن يوماً مستعجلاً لانتخاب رئيس للجمهوريّة، وهو اليوم أقل استعجالاً بعد التطوّرات الدوليّة – الإقليميّة المهمّة التي تعيشها المنطقة وفي مقدّمها سوريا الغارقة في حرب أهليّة مذهبيّة، والتي لا يعرف أحد على نحو قاطع ما إذا كانت ستنتهي إلى حلول وتسويات تنعكس إيجاباً أو سلباً على لبنان، أو ستنتهي إلى فشل يفاقم الحرب المشار إليها ويُطيل عذاب لبنان بل ربما يوصل عذابه إلى الحد الأقصى.

إلى ذلك، يعتقد البعض الثالث نفسه من المُتابعين أن الرئيس الحريري لن يستطيع ترشيح عون رسمياً للرئاسة. فهو عجز عن ذلك قبل نحو سنة عندما كان يريده بسبب “فيتو” سعودية الملك (الراحل) عبدالله ووزير خارجيته (الراحل) الأمير سعود الفيصل. فهل أزالت سعودية خلفه الملك سلمان هذا “الفيتو”؟ وهل يستطيع الحريري إقناعها بإزالته إذا كان لا يزال موجوداً؟

¶ ملاحظة: إبتداء من يوم غد يغيب سركيس نعوم و”الموقف هذا النهار” في رحلة عمل تستمر بضعة أسابيع