Site icon IMLebanon

هل بالغَ الحكيم ؟

 

جاء خطاب رئيس «القوات اللبنانية» في قداس الشهداء هذا العام مختلفاً في الشكل إنما ليس في المضمون. فقد لحظ المشاركون إصراراً قواتيّاً على ثوابت اعتقد البعض أنها ستتبدل بتبدّل موازين القوى السياسية، لاسيما بعد نتائج الانتخابات النيابية من جهة وبعد «التنازلات» التي قدّمتها «القوات» لولادة الحكومة الجديدة من جهة ثانية، فحسمت موقفها في ذكرى الشهداء. «كرمالكن»، تنازلنا و»كرمالكن»… لا تنازلات بعد اليوم .

أمّا بالنسبة لخطاب جعجع من حيث الشكل فقد لاحظ البعض أنه كان الأطول هذا العام، إذ استمر أكثر من 20 دقيقة تحت مطر لم يتوقف ولم يهادن حتى انتهاء جعجع من كلمته، بل اشتدت حدّته تماماً كمضمون كلمة «الحكيم» أمام حشد من ممثلي الرؤساء الثلاثة والوزراء والنواب وأهالي الشهداء والأحزاب وباقي المدعوّين.

أهالي الشهداء لم يأبهوا للمطر بل حاولوا حماية صُور أبنائهم واحتضنوها كأيقونات مقدّسة.

وعن معنى هذا اليوم تقول السيدة ماري الحاج، القادمة من وادي بعنقودين، انها تخجل من الاحتماء من المطر وقد سقط من بلدتها 11 شهيداً. لم تضف باقي الأمهات على حديث السيدة الحاج، بل تحدّثن عن ضرورة المجيء سنوياً الى معراب تحت المطر او تحت الثلج للمشاركة في القداس على نيّة أرواح الشهداء، إذ يعتبرنه أكثر من واجب وطني بل هو واجب مقدس.

ثوابت «قواتية»

خطاب الحكيم جاء مفنّداً لمحاور عدة كما توقع المحللون، إنما كان حاداً اكثر من المتوقع، ليس برأي المناصرين بل برأي جمهور الثامن من آذار ومناصري التيار الوطني الحر تحديداً. وقد اضطر نوابهم الخمسة الحاضرون، أعضاء كتلة «لبنان القوي»، بمَن فيهم ممثل رئيس الجمهورية النائب ابراهيم كنعان والنائب روجيه عازار ممثل الوزير جبران باسيل والنواب سليم عون، نعمت افرام وميشال معوض الى الاستماع للاءات قواتيّة ثلاث:

-1 لا لطمع الاخوة – فما لكم لكم وما لنا ليس لكم.

-2 لا للتطبيع مع سوريا تحت أي معيار.

-3 لا للفيتو الذي وضعه الوزير باسيل على أحقيّة «القوات» بالحصول على حقيبة الطاقة، واتهمه بأنه المسبّب الوحيد لاستمرار أزمة الكهرباء.

علماً انّ طلب جعجع حصول «القوات» على وزارة الطاقة أطلقه بشكل تحد، مُراهناً على أنّ «القوات»، في حال حصولها على حقيبة الطاقة، تَعِدُ أنّها ستؤمن الكهرباء للبنان كله في أقل من سنتين وبكلفة أقلّ من الحالية. مضيفاً أنّ الطاقة أو غيرها من الحقائب ليست حكراً على أيّ طرف، ملمّحاً الى حقيبة الدفاع والى البعض المتخوّف من حصول «القوات» عليها بعدما قبع فيها تحت الارض لمدة 11 سنة، متهماً هذا البعض بأنه يعلم جيداً أنه في حال حصول «القوات» على الدفاع فإنها ستنتشلها من تحت الارض كما نشلت الوزارات التي شغلتها في الحكومة الحالية، بالرغم من الحروب المفتعلة التي شُنّت ولا تزال على وزرائها.

أمّا الرسالتان المهمّتان فقد وجّههما «الحكيم»، الأولى للرئيس والثانية لـ»حزب الله». داعياً عون إلى إنقاذ التسوية، معتبراً انها في خطر وانّ البعض المقرّب منه، والذي من المفترض ان يكون من أبرز حماتها، هو أبرز المعرقلين.

عازار: «الحكيم بَالَغ»

النائب في كتلة «لبنان القوي» روجيه عازار، الذي مثّل الوزير باسيل في القداس، قال لـ»الجمهورية»: «الحكيم بالغ»، و»كلمته كانت عاصفة كالطقس»، فاتهم فريق الوزير باسيل بتعطيل تأليف الحكومة وكأنّه وحده من يوقف شؤون البلد. وهذا الأمر غير صحيح، حسب قوله.

وأضاف أنّ الحل لا يتطلب فلسفة بل الرجوع الى معيار واحد.

أمّا الرسالة الى رئيس الجمهورية فقال عنها انها كانت «ضربة ع الحافر ضربة على المسمار»، ولم نفهم ما اذا كان يتغزّل به ام يحمّله المسؤولية، لأنه فعل الاثنين.

وفيما أبدى عازار استياءه من اتهام جعجع للتيار بتعطيل الكهرباء، أكد انّ جعجع والكل يعلمون انّ فريق «القوات» هو من عطّل مهمة وزير الطاقة وليس الوزير باسيل. فوزراء «القوات» عطّلوها لمدة سنة وشهرين، ثم عادوا عن تمنّعهم ووافقوا على التسوية السياسية وصوّتوا للتجديد لبواخر الكهرباء قبل الانتخابات النيابية.

عازار اتهم جعجع باللجوء الى الخطاب الشعبوي المخالف للحقيقة، لافتاً الى أنه يؤدي الى ردّات فعل شعبية تؤذي مشهدية معراب وشهداء المقاومة والوطن بصورة عامة.

لكنّه أيّد قول جعجع انّ اتفاق معراب «أصبح ملك الناس، وليس ملك «التيار» أو «القوات».

تبقى الكلمتان الإثنتان اللتان وجّههما الحكيم الى «حزب الله» ولا ثالث لهما، وفق تعبيره «الى إخوتنا في «حزب الله» نقول: إرجعوا الى لبنان ناطرينكن».

وقد جاءت دعوته لهم مهادنة بعكس كلامه لآخرين، فاعتبرها البعض «دعوة مزدوجة ذكية»، يلفت الجزء الأوّل منها الى استعداد «القوات» لبدء حوار مع «اخوانها في الحزب» استناداً الى تعبيره «ناطرينكن»، أمّا الجزء الثاني فسياسي يدعو الى العودة من سوريا واليمن والعراق الى لبنان.

كيف تلقّفت أوساط «حزب الله» الدعوة المزدوجة؟ هي متريّثة فمصادرها حتى الساعة لم تعلّق على دعوة «القوات»، إلّا أنها قالت لـ«الجمهورية» إنه ربما يكون لها كلام في هذا الشأن غداً !