لم يكن عابرا كلام النائب حسن فضل الله عن الوفاء للحلفاء اساس خوض حزب الله لانتخاباته وبدون رسائل مباشرة لحلفائه محورها التحالفات الانتخابية وذهاب الامور على النحو الذي آلت اليه بينه وبين التيار الوطني الحر، فحزب الله قصد بكلامه انه «اعطى حلفاءه ولم يأخذ منهم، واذا كان حزب الله وحركة أمل هم حال انتخابية واحدة كثنائي انتخابي «لا يفرق ولا يغرق» يكون المقصود بحديث نائب المقاومة التيار الوطني الحر.
يشعر حزب الله انه «اعطى من كيسه الانتخابي ولم يأخذ بالمقابل، فهو في بعبدا حافظ رغم كل المعوقات على تحالفه بالتيار لتأمين الحاصل الانتخابي للائحة ولكنه وجد من غير الممكن ان يساير «جموح» التيار الجزيني لثلاثة موارنة وكاثوليكي كما لم يقبل ان يكون حصان طروادة لضرب الحليف نبيه بري. من بداية المعركة جرى الفصل بين السياسة والتحالفات الانتخابية، وحصل شبه اتفاق بين التيار وحزب الله لتفهم حيثيات بعض فحزب الله ليس بوارد التخلي عن بري، والتيار حر في خياراته الانتخابية ونسج التحالفات في مناطقه بالخلاف او التباعد، لكن ما حصل ان التيار لم يعد «يشبع» في سياسة قضم المقاعد وعدم مراعاة احد وكان يمكن ملاحظة السياسة الاحتجاجية من قبل حارة حريك في اختصار اللقاءات الانتخابية المشتركة على الشكل المفترض بين شركاء وحلفاء في الانتخابات.
لم يضع حزب الله العصي في دواليب التيار وقراراته الانتخابية لكن سياسة التيار التوسعية والفوقية بالتحالفات وصلت الى حد المطالبة بكاثوليكي وماروني في بعلبك والهرمل وفي البقاع الغربي، اضافة الى دوائر اخرى توسعت فيه الطموحات العونية اذ رفض التيار ان يكون شريكا في عدة دوائر بعدما كان انجز تحالفاته فيها مع المستقبل. فالعديد من المعطيات تم تجاوزها من قبل حزب الله وبحسب اوساط متابعة فان حزب الله كان يمكن ان ينتفض على التيار في بعبدا ومع الاشتراكي، لكنه اختار عدم التحدي حتى لا يعقد معركة حليفه البرتقالي وكذلك فعل في الشمال الثالثة التي سيعطي فيها اصواته للتيار في البترون وفي زغرتا لطوني فرنجية.
ثمة من يرى بالمقابل ان خلاف باسيل وبري واستمراره حتى اليوم كان السبب المباشر في حال الارباك الانتخابي بين حزب الله والتيار، بعدما اختار حزب الله الوقوف الى جانب بري في الازمة السابقة بين بري وباسيل قبل ان تتوسع الى التفاصيل الانتخابية، كما ان حزب الله اشتم منذ البداية معالم تفاهم انتخابي بين التيار والمستقبل على حسابه، عدا ذلك فان الحزب انزعج من التكتيكات الانتخابية التي اعتمدها الفريقان، فحزب الله اعلن ترشيحات اربكت التيار الوطني الحر في عدد من الدوائر، ففي جبيل ادى ترشيح الشيخ حسين زعيتر الى اعتراض التيار عليه، فرفض باسيل هذا الترشيح جملة وتفصيلا لكونه استفز شيعة ومسيحيي الدائرة، وبعدما اعتبر حزب الله ان ما كتب قد كتب انتخابيا في خصوص هذا المقعد ويجري الاعداد للائحة جبيلية مستقلة، وفي جزين ادى تمسك التيار بمرشحيه الثلاثة المسيحيين كما ساهم خلاف بري وباسيل بتوسيع الهوة مجددا وذهاب الفريقين الى المواجهة.
حاول التيار الوطني الحر استلحاق نفسه بفريق 8 آذار في التحالفات وترميم التحالف مع الثنائي الشيعي حيث يمكن ان يتم، وحيث ينقل عن قيادات في التيار وحزب الله ان المعالجة تحصل قدر الامكان في بعض الدوائر حيث لا توجد الغام انتخابية كثيرة وترك الامور في اطارها التنافسي في دوائر اخرى، فليس سهلا تجاوز المسائل فثمة عقدة مصالحة بري وباسيل التي لم تحصل بعد والاثنان ينتظران بعضهما «على الكوع» في المعركة الانتخابية، وهناك العديد من التفاصيل الانتخابية المعقدة فالمواجهة واقعة في جزين لا محالة ولم يعد ممـكنا تصليح الوضع بين الثنائي الشيعي والتيار، وفي جبيل المواجهة حاصلة بين الفريقين بعدما تأكد من الصعب على حزب الله وليس واردا ان يسحب مرشحه الحزبي فليس من عادة حزب الله التراجع عن قراراته ولو خسر المعركة، في بعلبك الهرمل فالتيار «محشور» بين الاقوياء في المنطقة، في حين ان الوضع في بعبدا ليس افضل حالا.
التباعد الذي صار امرا واقعا في عدد من الدوائر لم يلغ فرص التلاقي في اخرى، حيث لم تحصل تفاهمات، فترد اوساط الطرفين بان التباعد قد لا يسبب اضرارا كبيرة انتخابيا لهما، فالافتراق في جبيل قد يريح معركة المقاعد المارونية الجبيلية لوليد خوري وسيمون ابي رميا ويقلل الضغط على المرشح الشيعي حسين زعيتر الذي ينطلق من اصوات شيعية محددة سلفا. وبالتالي فان انصراف التيار والثنائي الشيعي كل في طريق انتخابي في بعض الدوائر ليس «آخر القصة» فهو قد يضمن لكل منهما معركة رابحة في هذا القانون الهجين الذي جعل الحليف ضد حليفه والعدو يتحالف مع خصمه، وهذا التباعد على ارض المعركة في العدد المحدد من الدوائر سيؤمن الفوز باكبر عدد ممكن من النواب لكل من التيار والثنائي الشيعي وسيصب في مرحلة ما بعد الانتخابات في اطار العودة الى التفاهمات السياسية.