منذ أشهر تتواصل اللقاءات بين «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر» للاتفاق على نقاط مشتركة حول قانون للانتخابات النيابية، ويبدو انّ الطرفين قطعا شوطاً كبيراً في هذا المجال انطلاقاً من بند أدرج في «إعلان النيّات» وجرى تأكيده في «تفاهم معراب»، وهو أهمية تصحيح التمثيل المسيحي والرفض التام لقانون الستين وضرورة الذهاب إلى الانتخابات بقانون عادل ومتوازن. فهل اقتربنا من المخاض الأخير لولادة قانون انتخابي يكون ثمرة جديدة لـ»تفاهم معراب»؟
يلفت مصدر قواتي بارز إلى انّ «القوات» أنتجت قانوناً مختلطاً بالتعاون مع «الحزب التقدمي الاشتراكي» و«تيار المستقبل»، فيما «التيار الوطني الحر» الذي يتبنّى القانون الارثوذكسي ويؤمن بالنسبيّة المطلقة، قدّم لـ«القوات» ملاحظاته على القانون المختلط. وبالتالي، يجري الحوار اليوم بين الحليفين الجديدين على نقاط مشتركة تقرّب «التيار» من القانون المختلط مع الأخذ في الاعتبار ملاحظاته وهواجسه.
أمّا «القوات اللبنانية» فتؤكد رفضها للنسبيّة المطلقة لسببين جوهريّين: الأول يتعلق بالطائفة الشيعيّة «لأنها أسيرة السلاح ما يقيّد حركة الترشيحات في داخلها ويعطّل المسار الديموقراطي».
ويعتبر المصدر القواتي انّ كل المكوّنات الطائفية في لبنان لديها تمثيل داخل قوى 8 و14 آذار باستثناء الطائفة الشيعيّة التي تبدو محاصرة تماماً داخل 8 آذار. من هنا لن تؤدي النسبيّة المطلقة إلى أيّ غرض في سنة 2017 نتيجة سيطرة السلاح على البيئة الشيعية.
أمّا السبب الثاني فيكمن في خطر وصول التطرف لدى بعض الطوائف إذا ما اعتمدت النسبية المطلقة، «وقد تكون الطائفة السنيّة إحدى ضحايا هذا القانون بما يفضي إلى ضرب الشريك المسلم السنّي المعتدل الذي يتشابه مع طبيعتنا، ونقصد بذلك سعد الحريري»، على حد قول المصدر القواتي.
لن يكون عدلاً أن يُعتمد قانون يربح فيه الجانب المسيحي ولكن قد يؤدي إلى خسارة طبيعة الشريك الآخر، وهذا ما يبدو لـ«القوات اللبنانية» أخطر من مسألة تصحيح التمثيل، أي المساهمة في ارتكاب خلل لدى الأطراف الأخرى. فالهدف هو رفع الظلم عن المسيحيين شرط عدم وضعه على الآخرين.
لا تنكر «القوات» انّ «التيار الحر» يعمل على قانون مختلط آخر قد لا يشبه القانون المتفق عليه مع «الاشتراكي» و«المستقبل»، إلّا انه قد يؤمّن المناصفة الفعلية. مع ذلك، لا تقتصر الحركة حول «قانون الانتخاب» بين «القوات» و»التيار»، بل هي حركة مكوكيّة بين كل المكوّنات السياسية في البلد لإنتاج قانون تنبثق عنه سلطة ممثلة لكل الشرائح الوطنيّة. لذلك، تجري مفاوضات بين «القوات» والرئيس نبيه بري من جهة، وبين «التيار» وبري من جهة أخرى.
فقانون الانتخابات النيابية لا يمكن حصره بين حزبين أو طرفين بل هو بحاجة إلى إجماع وطني. والأهم، وفق رأي المصدر القواتي، أن تكون جميع المكوّنات متّفقة على مبدأ ممارسة حق التصويت على القانون العتيد في مجلس النواب، والقانون الذي ينال الأكثرية لا بد أن يسير به الجميع.