IMLebanon

لمّ الشمل  تحت الاختبار

تراجعت موجة التشنج في مجرى العلاقات بين ركني ١٤ آذار، تيار المستقبل والقوات اللبنانية، بعد صعود قاربَ حدود الافتراق، وما كان ذلك ممكناً لولا استدراك القيادتين، والخوف المشترك من أخطار اللعب بالمشاعر، أكان من باب التكتكة السياسية، وما رافق الانتخابات البلدية من تباعد، أو الرياضة، التي تخلت عن روحها في ملعب غزير…

وبعد اختبار الفراق، أدرك حليفا الأوقات الصعبة، سعد الحريري وسمير جعجع أن ثنائيتهما الوطنية ليست كالثنائيات الفئوية، مجرد رفقة طريق، انما هي الأساس في بناء الكيان، وعداها أمواج تزول.

الأشخاص مهمون، لكنهم ليسوا الأساس، كالفكرة والمبدأ والقناعات المتبادلة، لقد غاب بشارة الخوري ورياض الصلح، لكن الميثاق الذي بنيا عليه استقلال لبنان لا زال قائماً، ولا زال هناك مَن يروي جذعه بالماء وبرحيق الديمومة والحياة.

الخوف من الآخر يسمم أفكار الناس، والخوف من النفس ومن الأصدقاء، يجعلك مغلولاً على ذاتك، تعيش انعزالاً كيانياً، ليبحث الذئب فيك عن فريسة للانقضاض، ويبدأ التبرير باسم الطائفة أو المذهب أو السياسة العوجاء…

وحدهم الأقوياء بنفوسهم الوادعة وعقولهم المبدعة، يتصدون للعاديات والبدع، ومعيار القوة، الارادة والاعتدال، فعظمة النفس البشرية، يقول الفيلسوف الفرنسي باسكال، في قدرتها على التوافق والاعتدال، لا على الفرض والتجاوز…

وما ينسحب على العلاقة بين المستقبل والقوات، يتعين أن ينسحب، وبلا نقاش، على واقع الحال المأزوم داخل تيار المستقبل وحلفائه القريبين…

لا شك أن سوء الأداء الذي واكب المرحلة الأخيرة، منذ ما قبل خروج الوزير أشرف ريفي من الصف، مسؤول عما حصل الى حد كبير، وكل جرح، ولو بحجم وخزة إبرة، لا يعالج بالمطهرات، قد يصبح عرضة للتقيّح والالتهاب، وبعض الناس دنيء كالذباب الذي لا يقع إلاّ على الجرح، فيفسده.

وفي مأثور الكلام يقولون: صديقك من صدقك، لا من صدّقك… أي من صدقك القول، لا من صدّقك بما تقول، ولو عن غير قصد…

والمطلوب الآن، بحسب رسالة المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان الرمضانية، وضع حدّ للهواجس والشكوك بين القيادات، بما لا يصحّ السكوت عنه، والتوجه نحو التوافق، والعودة الى الرشد الجامع واضعين نصب أعيننا ان لا وطن لنا غير هذا الوطن ولا دولة غير هذه الدولة.

والخطير في الأمر، امتداد تبايناتنا الذاتية الى المحيط العربي، الحاضن للاستقرار في لبنان، وتبرّع بعض المنابر في نشر الغسيل على السطوح، لغايات بعضها مرتبط بالاحتقان الذي ترتب على نتائج الانتخابات البلدية، وبعضها الآخر متصل بما في نفس يعقوب…

والمطروح الآن وقف الدعسات الناقصة على طريق المستقبل، والالتفات الى دعوات لمّ الشمل، التي يفترض انطلاقها من الافطار الرمضاني الأول للرئيس سعد الحريري الخميس المقبل، ويليه افطار أكثر اتساعاً يوم السبت الذي يليه، وتأمل أوساط دار الفتوى ان تلقى هذه الدعوات أصداء ايجابية على المستوى العربي، لأن قمة من يتخوّف من أن تكون السجالات الأخيرة العالية النبرة، كمن يحكي الجارة، كي تسمع الكنّة….