فجأة أغرقت الساحة السياسية بمجموعة من الصيغ الانتخابية، بين التي اعلن عنها النائب وليد جنبلاط، الذي آثر الانكفاء طوال الفترة الماضية والاكتفاء برفض ما يعرض، وبين المنتظر من اقتراحين لعين التينة الاول مبني على النسبية الكاملة والثاني تطبيق حرفي للطائف عبر السير بمجلس شيوخ توازيا مع مجلس من خارج القيد الطائفي، وبيت الوسط، الذي ألمحت اوساطه اقتراح يلتزم الطائف من خلال انشاء مجلس للشيوخ، في حال عدم احراز المتداول حتى الساعة اي خرق في جدار الازمة مع اقتراب انتهاء مهلة التمديد للازمة في الخامس عشر من ايار.
في المقلب الانتخابي المترنح، وعلى وقع انهيار كل الصيغ تارةً بضربة الملاحظات وطوراً بعدم مراعاة قواعد الميثاقية، تتجه الانظار الى ارنب الرئيس بري، الذي اجل الاعلان عنه الى حين استنفاد الاقتراح الجنبلاطي مهلته، بعد صيغة بيك المختارة، التي لم ترصد اعتراضات بكركي عليها حتى الساعة، مع اشادة بعض المتابعين بظاهرة المشاريع الانتخابية التي اضفت اجواء ايجابية بدأت تأخذ مكان الغمامة السلبية التي ظللت الملف الانتخابي على مدى أشهر، رغم اقتناع الكثيرين ان ما يجري تعويما للدوحة معدلا ، باعتباره أفضل من الفراغ والتمديد.
آخر الاجتماعات التي عقدت امس الاحد في بيت الوسط وضم الى رئيس الحكومة مدير مكتبه نادر الحريري ووزيري الخارجية جبران باسيل والمالية علي حسن خليل، انتهى الى لا اتفاق، مع تمسك كل طرف بموقفه، وسط اشارات عن اعادة تيار المستقبل دراسة موقفه من مسالة التمديد في ضوء تقدم المباحثات بينه وبين البرتقالي حول انجاز صفقة نيابية تشمل تبادل مقاعد نيابية يضمن مصالح الطرفين.
فعلى مسافة ثلاثة اسابيع من انتهاء مهلة الشهر تراوح الامور مكانها مع غرقها في دوامة المشاريع ،على غرار ما حدث قبل اكثر من عام، فالرئيس سعد الحريري في صدد انجاز مسودة لقانون جديد للانتخابات يريد ان يطرحها في التداول قبل طرحها في الاعلام، والحزب التقدمي الاشتراكي قدم مشروعا مبنيا على افكار سبق للنائب وليد جنبلاط ان قدمها للرئيس نبيه بري، الذي بدوره انجز صيغة توفر للمسيحيين انتخاب 54 نائبا وللمسلمين 52 نائبا بأصواتهم والبقية يساهم الجانبان على تنوع مذاهبهم في ايصالهم الى الندوة النيابية،في اطار ست دوائر، تتوزع كالاتي، عاليه والشوف دائرة واحدة، جبيل وكسروان والمتنين الشمالي والجنوبي دائرة، بيروت دائرة، الجنوب دائرة، الشمال دائرة والبقاع دائرة، ما وجد اصداء ايجابية في بعبدا وحارة حريك ولا ممانعة من السراي.
مصادر مسيحية مشاركة في الاتصلات اشارت الى وجود قطبة مخفية في حركة اغراق البلد بالمشاريع دفعة واحدة، وان كان البعض يحاول التلطي خلف تحمله المسؤولية، منبهة الى وجود محاولات لـخلط الحابل بالنابل، وصولاً للجلسة المحددة في 15 أيار المقبل، لفرض التمديد أو قانون الستين كأمر واقع، مؤكدة ان ما رشح من اجواء التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية يشير الى ان الطرفان لن ينتظرا الى نهاية المدة اذ قررا التحرك في خطة تصعيدية تتضمن خطوات قانونية – دستورية وشعبية، يبدأ تنفيذها مطلع الاسبوع المقبل في حال ظلت الاتصالات تراوح مكانها،لافتة الى ان ما يحصل لا يدعو للتفاؤل بقدر ما يوحي بأن هناك خطة محكمة من قبل الثلاثي الاسلامي لتضييع البوصلة بهدف فرض التمديد امرا واقعا، تزامنا مع تسريب مصادر مقربة من وزير الداخلية ان الاخير يحتاج الى مدة سنة ايا كان شكل القانون لانجاز الترتيبات اللوجستية اللازمة لاتمام العملية الانتخابية.
«الصحوة» الانتخابية التي أصابت الاطراف السياسية ستبقى دون بركة،بعد غسل الجميع ايديهم من دم الستين والتمديد، لتظهر بعد هدوء عاصفة القوانين الغارقة في حلقة مفرغة حقيقة المشهد الانتخابي.فهل حانت ساعة القانون الانتخابي؟ وهل تحدث إحدى المبادرتين خرقا في الجدار السميك، فتدفعان نحو الحل؟ أما تسهمان في دفع البلاد نحو هاوية الخامس عشر من ايار؟ وبين المسودة المرتقبة للرئيس الحريري والمشروع المختلط للنائب وليد جنبلاط، يطرح سؤال، اين اصبح المشروع الذي قدمه الوزير جبران باسيل، وهل زحمة المشاريع دليل عافية ام تقطيع وقت؟
في انتظار الجواب، يبقى الاكيد ان الدوحة لا يزال يتنفس وعملية احيائه جارية بعدما ضخت جرعة حياة جديدة في عروقه مصدرها هذه المرة بكركي.