السؤال الذي لا جواب عنه حتى الآن هو: هل تكون سنة 2015 بداية الانفراج في لبنان والمنطقة، أم سنة الحبل بالمفاجآت والمتغيرات والتحولات؟
ثمة من يتفاءل، وان بحذر، ويعتقد ان السنة الجديدة قد تكون بداية الخروج من الازمات والاضطرابات التي تتخبط فيها دول كثيرة في المنطقة، لأن العامل الاقتصادي قد يصبح هو القوة الضاغطة للاسراع في حل الازمات، أو على الاقل وقف تفاقمها. فسلاح الحرب لم يعد هو الوسيلة لحسم الخلافات بين الدول، انما سلاح الاقتصاد. وها ان الولايات المتحدة الاميركية تشهره في وجه روسيا وايران وفي وجه كل دولة هي على خلاف استراتيجي معها، او ترفض التفاهمات التي تجعل العلاقات بينها وبين هذه الدول طبيعية وغير متوترة.
فسلاح الحرب لم يكن هو السلاح الذي اسقط الاتحاد السوفياتي في الماضي واسقط معه الدول التي كانت تدور في فلكه، انما سلاح الاقتصاد، والمفاوضات حول الملف النووي الايراني تحدد اتجاهاتها العقوبات بحيث تؤثر فيها بمقدار ما تؤثر في اقتصادات ايران، وان تردي الاوضاع الاقتصادية في كل من مصر والعراق وليبيا واليمن وسوريا هو الذي قد يعجّل في التوصل الى حل سياسي يقيم أنظمة شبه عسكرية تستطيع مواجهة التنظيمات الارهابية والقضاء عليها نهائيا كي يسود الامن والاستقرار في كل المنطقة، او تشكيل حكومات وحدة وطنية تتمثل فيها كل القوى السياسية الاساسية في كل دولة كما حصل في العراق وكما ينتظر ان يحصل في اليمن وفي سوريا وفي ليبيا.
والا فان استمرار الاقتتال الداخلي في كل دولة من هذه الدول واستمرار التدهور الاقتصادي فيها من شأنهما ان يشعلا ثورة الجياع التي تأكل الاخضر واليابس، وتفتح الأبواب واسعة لأعمال العنف والتخريب والاغتيالات التي لا خروج منها الا بالتقسيم.
لذلك ترى الدول المعنية بأوضاع المنطقة ان يقوم في الدول التي تشتعل فيها حروب سياسية ومذهبية وعرقية وقبائلية حكم ائتلافي يجمع كل القوى الاساسية فيها لئلا تتحول القوى التي تبقى خارج الحكم بيئة حاضنة للارهاب تجعل القضاء عليه يطول امده.
ولأن سيف الاقتصاد هو السيف القاطع للحروب على مختلف انواعها وللازمات على اختلاف اشكالها، فان السنة المقبلة قد تكون بداية استخدام هذا السيف لحل الازمات والمشكلات ووقف الاقتتال ومعه الفوضى العارمة.
ان نتائج الانتخابات النيابية في مصر هي التي ستحد من التوتر القائم بين الاحزاب، ولا سيما “الاخوان المسلمين”، وحكومة الوحدة الوطنية في العراق تلقى الدعم العربي والدولي في مواجهة التنظيمات الارهابية والداعشية تمهيدا لاقامة حكم مستقر يحظى بتأييد مختلف فئات الشعب، وهو ما قد يحصل في سوريا وفي اليمن وفي ليبيا، والا استمر الاقتتال الى ما لا نهاية، وباستمراره يزداد الوضع الاقتصادي تدهورا فيشعل ثورة الجياع وهي أخطر الثورات التي لا يعرف احد كيف تنتهي ومتى.
لذا يمكن القول، بحسب رأي بعض المراقبين، ان سنة 2015 قد تكون سنة بداية خروج دول المنطقة من ازماتها والحروب فيها بالتوصل الى حلول عادلة ومتوازنة لا غالب فيها ولا مغلوب كي يستطيع الحكم فيها مواجهة اخطر عدو وهو الارهاب الذي لا يرحم احدا ولا يميز بين دين ودين ولا بين حزب وآخر، والا استمر الارهاب عندما يجد في البيئات المقهورة والمظلومة والفقيرة حاضنة له، فلا يعود في الامكان عندئذ مواجهة هذا الوحش الا باقامة انظمة عسكرية كما قامت في الماضي لمواجهة المد الشيوعي يوم كانت الحرب الباردة مشتعلة بين المعسكرين الشرقي والغربي، احدهما بقيادة الاتحاد السوفياتي والآخر بقيادة الولايات المتحدة الاميركية.
الى ذلك، يمكن القول ان منطقة الشرق الاوسط تواجه احد الحلول الآتية:
أولا – اقامة حكم يمثل كل القوى السياسية الاساسية لمواجهة الارهاب كي لا يجد في ظل هذا الحكم بيئة تحتضنه.
ثانيا – اقامة حكم عسكري او شبه عسكري اذا تطلبت مواجهة الارهاب ذلك وتعذر اقامة حكم ائتلافي قوي.
ثالثا – ان يكون تقسيم دول المنطقة مذهبيا وعرقيا هو الحل، وهو البديل من اتفاق “سايكس – بيكو”، تتقاسم الدول الكبرى والدول الاقليمية النفوذ فيها والمصالح.