حرص الفرقاء على تحصين إنجازات الجيش يحمي التسوية
لا يَخفى على أحد أن المتضررين من انتصارات الجيش على الإرهاب في الجرود، قد تدخلوا بكل ثقلهم لإلغاء الاحتفال الذي كان مقرراً إقامته اليوم في وسط بيروت لهذه المناسبة، فتم استبداله باحتفال تقيمه قيادة الجيش في قاعدة رياق الجوية، وهو ما شكل إساءة للجيش ولتضحيات شهدائه، في وقت كان اللبنانيون تواقين للاحتفال بهذا الانتصار المدوي على الإرهابيين في جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع، من خلال التحضيرات التي أعدها القيّمون على احتفال وسط بيروت، لإحياء هذه المناسبة، قبل اتخاذ قرار الإلغاء الذي كان مفاجئاً للكثيرين.
ورغم محاولات البعض إيجاد ذرائع متعددة لتبرير إلغاء الحفل، إلا أن ما جرى أعاد طرح الكثير من الأسئلة عما إذا كان ممنوعاً على اللبنانيين كما تقول مصادر نيابية بارزة لـ»اللواء»، الاحتفال بانتصار جيشهم على الإرهاب، أم أن الاحتفال بالانتصار هو لفريق وليس مسموحاً للآخرين؟ وإلا لماذا كان القرار بإلغاء احتفال وسط بيروت الذي أعلنت عنه وزارتا الدفاع والسياحة، وهو ما فُسِّر بأنه نتيجة ضغوطات مورست على المنظمين للحؤول دون إقامة المهرجان، من غير استبعاد العوامل السياسية التي لعبت دورها في «تطيير» هذا الحدث الذي كان يتوقع أن تشارك فيه حشود كبيرة من جميع المناطق اللبنانية.
وتشير المصادر إلى أن قرار إلغاء الاحتفال كان نتيجة اتصالات جرت في الساعات الماضية على أعلى المستويات، بسبب تعدد الآراء من المواقف التي كانت ستطلق في هذه المناسبة، مع أن القاسم المشترك بين الجميع، كان توفير كل الدعم للجيش في الحرب التي يخوضها ضد الإرهاب، وإن حاول كل طرف التذرع بظروف محددة للتغيب عن الاحتفال، دون استبعاد المعيار الأمني الذي يبقى في طليعة الأسباب لقرار الإلغاء.
وتشير المعلومات لـ«اللواء»، إلى أنه قد يُستعاض عن مهرجان بيروت، بإقامة مجموعة احتفالات في المناطق اللبنانية، فرحاً بانتصار الجيش على الإرهاب وتأكيداً على قدرة القوى العسكرية والأمنية على حفظ حدود الوطن ومواجهة الإرهاب بكافة أشكاله، على غرار ما حصل في الجرود، في وقت أشارت المصادر إلى أن الزيارة الناجحة التي قام بها رئيس الحكومة سعد الحريري إلى روسيا، سوف يتأتى عنها تقديم موسكو للجيش اللبناني مساعدات عسكرية تمكنه من تعزيز قدراته القتالية لبسط سيطرته على كامل الأراضي اللبنانية ومواجهة التهديدات الإرهابية، بعد وعود تلقاها الرئيس الحريري بهذا الخصوص، حيث ركزت المحادثات اللبنانية الروسية في جانب كبير منها على ضرورة تحسين القدرات العسكرية والقضائية للقوات المسلحة اللبنانية لجعلها قادرة على صد أي عدوان يتعرض له لبنان، باعتبار أن استقرار البلد سيبقى حاجة إقليمية ودولية بالرغم من كل ما يجري من حوله، إلى جانب ضرورة نزع فتائل التوترات الداخلية التي تشكل خطراً جدياً على التسوية القائمة، في ظل حرص جميع الفرقاء على إبقائها صامدة، دون أن يؤدي تصاعد السجالات السياسية من التأثير عليها، في ظل التناغم القائم بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس الحريري، وهذا بحد ذاته، يحول دون اهتزاز التوافق الذي تقوم عليه هذه التسوية، باعتبار أن انتصارات الجيش، بحاجة إلى توفير المزيد من المناخات الوطنية التي تضمن تحصينها وحمايتها، وهذا الأمر لا يزال متوافراً من الأطراف السياسية المشاركة في هذه التسوية التي تدرك جيداً مخاطر أي اهتزاز قد تتعرض له وبالتالي فإن هذه الأطراف لا يمكن أن تغامر بالاستقرار الداخلي ولذلك فهي متمسكة بالتسوية وكل ما نتج عنها.