للمرة الرابعة في الأيام الأخيرة يحذر الرئيس نبيه بري من الفراغ النيابي. أمس أتبع هذا التحذير بأخطر منه معلناً أنّ الفراغ النيابي سيؤدي الى سقوط المؤسسات كلّها.
فهل يأتي هذا التحذير استباقياً؟ أصلاً، هل يأتي من فراغ أو هو مبني على معلومات يملكها دولته؟ وما مدى التضارب بين هذا التحذير والكلام الصادر من غير طرف، بما في ذلك عن حزب اللّه تحديداً من أنّ قانون الإنتخابات النيابية مسألة أيام؟ علماً أن الرئيس الحريري تفاءل أمس، من بروكسل، بإنجاز القانون سريعاً.
بداية، ليس سراً القول إنّ هناك من لا يرى ضيراً كبيراً في حدوث «فراغ نيابي» موقت. والموقت (حسب تجاربنا في لبنان) قد يدوم طويلاً. وتكفي تجارب الفراغ الرئاسي المتكررة للإدراك أنّ العملية قد تطول… كما حدث أخيراً على الأقل. إذ أطفئت أنوار قصر بعبدا أكثر مما كان متوقعاً بكثير… الى أن حدثت «أعجوبة» إنتخاب الجنرال ميشال عون. والأعجوبة ليست في وصوله الى الرئاسة، فهذا تحصيل حاصل ومستحق، إنما هي في حلول الروح القدس على الأطراف وتوصلها الى توافق بين الأضداد التي ما كان أحد ليتوقع تفاهمها على أمر بهذه الأهمية وهي التي لم تكن لتتفق على لون واحد ما إذا كان أبيض أو أسود أو رمادياً الخ… وهذا ليس موضوع هذه العجالة.
ويضيف البعض أنّ الفراغ لم يقتصر على رئاسة الجمهورية، بل هو حصل أيضاً في الحكومة. فقد عايش لبنان، في حقب مختلفة، وضعاً حكومياً غير طبيعي، تميّز بوجود حكومات مستقيلة غير متمكنة (دستورياً) إلاّ من تصريف الأعمال.
ويستطرد هذا البعض قائلاً: لقد آن الأوان لأن «يجرب» الشيعة في لبنان الفراغ الذي جرّبه الآخرون في الموقعين الرئاسيين: القصر الجمهوري والسراي الكبير.
هل هذا الكلام في محلّه؟
إن تحذيرات رئيس مجلس النواب، المتكررة، من الفراغ تنذر بشيء من هذا القبيل! ولكنه ليس حتمياً. فعندما يحذر بري ويلاقيه حزب اللّه بتفاؤل (وإن مشوباً بالحذر) بإمكان التوصل الى قانون إنتخابي في الأيام القليلة المقبلة، فهذا يعني أنّ ثمة حلاً ما يمكن أن يوضع على السكة… من دون أن يعني هذا أنّ الإنتخابات باتت حتمية في أيلول المقبل. ومع أن هذا الإحتمال غير مستبعد، إلاّ أن ظروفه قد لا تكون مواتية قبل الربيع المقبل. وبالتالي فإنّ الشباب في «سيّد نفسه» محظوظون: فهم الذين إختارهم الناس (أو «البوسطات») ليمثلوا اللبنانيين في مجلس النواب كتبت لهم ولاية ثانية كاملة الأوصاف، وبعض من ولاية ثالثة: أي السنوات الأربع الأولى، ثم السنوات الأربع الثانية التي جاءت على دفعتين تمديديتين، والسنة التاسعة التي باتت شبه حتمية. طبعاً من دون أن يكون هناك أي موجب وطني أو حتى أي قوة قاهرة… اللهم إلاّ إذا اعتبرنا التقصير السياسي والإهمال الوطني والمصالح الآنية الشخصية هي القوة القاهرة التي تفرض على هذا الشعب الصابر المقهور!
وليؤذن لنا أن نقول للبنانيين: بتستاهلوا!.