Site icon IMLebanon

هل تمّ إخفاء تقارير تلوّث الليطاني لتضليل البنك الدولي؟

بعد الضجة الاعلامية التي أثيرت أخيراً عن التلوث القاتل في نهر الليطاني، بات السؤال مطروحا اليوم حول مصير المشروع المقدّر له ان يؤمن مياه الشفة الى سكان بيروت بدءاً من العام 2017، خصوصاً وأن تنظيف الليطاني يستغرق اكثر من عام، هذا اذا تأمّن التمويل اللازم لانجاز المشروع.

تحتّم الوقائع الناجمة عن استفحال أزمة التلوّث في الليطاني والتي بلغت نسبتها 37 في المئة، ارجاء استفادة سكان بيروت من مياه الشفة التي كانت مقررة عام 2017، بعد القرض الذي منحه البنك الدولي لانشاء قنوات توصل هذه المياه الى بيروت، بحيث كان من المقرر ان تغذي هذه المياه العاصمة الى حين الانتهاء من تشييد سد بسري.

وبما ان تنظيف مجرى الليطاني سيستغرق اكثر من سنتين، يبدو مؤكداً ان استجرار مياه الشفة النظيفة الى بيروت سيُرجأ الى العام 2024 الموعد المتوقع لانتهاء اعمال تشييد سد بسري الذي قدم البنك الدولي لإنشائه 474 مليون دولار والذي من المتوقع ان يغذي مليونا و800 ألف مواطن لبناني بالمياه الصالحة للشرب.

في هذا الاطار، رأى الخبير الجيولوجي فتحي شاتيلا ان الحل الافضل لتأمين مياه الشفه لبيروت يجب أن يكون من نهر الدامور، لأنه الاقرب اليها، منتقداً ما يتم اقتراحه اليوم حول تأمين المياه لبيروت من سد جنة -نهر ابراهيم- ومن نهر الليطاني الملوثة، الآتية من نهر الاولي.

وشرح انه يرِد في دراسة جدوى مشروع سد جنة انه سيتم جر 60 مليون متر مكعب من المياه الى بيروت «وهذه خرافة لا يمكن تطبيقها لأن المسافة من سد جنة الى بيروت تصل الى نحو 50 كلم، وكلفة جر المياه عبر انشاء اقنية تتخطى 400 مليون دولار».

وتساءل لما سيتم استجرار المياه من نهر ابراهيم بما ان الدولة ترى انه سيتم تأمين مياه الشفة من الليطاني، بعدما اقترضت 684 مليون دولار من البنك الدولي لجر مياه نهر الليطاني وسد بسري على النهر الاولي، وتالياً يفترض خلال عام ان تكون تأمنت المياه من الليطاني الى بيروت.

اما كيف يمكن استجرار مياه نهر الليطاني الى بيروت والنهر معروف بنسبة تلوثه العالية، فقال: التقارير التي قدمتها وزارة الطاقة الى البنك الدولي تفيد بأن مياه نهر الليطاني ملوثة بمعدلات مقبولة ويمكن معالجتها بالطرق التقليدية.

وعن السبب وراء هذه التقارير غير الصحيحة، قال: الهدف من هذه التقارير كان الحصول على القروض والاموال، من البنك الدولي.

وذكر انه في شهر آب من العام 2010، قرر البنك الدولي بالتنسيق مع وزارة الطاقة اعطاء لبنان 200 مليون دولار لجر مياه الليطاني الى بيروت. في 4 ت2 2010 وقع بعض سكان بيروت على عريضة سلموها الى لجنة الشكاوى في البنك الدولي تعترض على هذا المشروع. لجنة الشكاوى وافقت على ان مياه الليطاني ومعالجتها مكلفة ونهر الدامور هو أقرب الى بيروت من نهر الليطاني ومياهه نظيفة.

الا ان مجلس ادارة البنك الدولي اقترح ارسال استشاريين من أجل درس المشروع في لبنان. فريق الاستشاريين هذا التقى في لبنان بوزارة الطاقة واطلع منها على تقارير ملفقة تبرر استلام القرض بـ 200 مليون دولار.

واستناداً الى تقرير الخبراء هذا، وافق البنك الدولي بتاريخ 29 ايار 2011 على اعطاء لبنان 200 مليون دولار لاستجرار مياه الليطاني لبيروت، على اساس ان مياه نهر الليطاني ملوثة انما بمعدلات مقبولة بحيث تمكن معالجتها بطرق تقليدية، لذا جرى العمل على انشاء محطة الوردانية لمعالجة مياه الليطاني وفلترتها.

وكشف شاتيلا رداً على سؤال انه ثبت تلوث مياه الليطاني فوق المعدلات الطبيعية اي بما يزيد عن 8 الاف بالمئة عن الملوثات الموجودة في نهر الدامور، اي ثمانين ضعفا، وذلك في دراسات أُجريت عام 2011 من قبل الجامعة الاميركية ومجموعة خبراء.

كذلك أظهرت دراسة أجراها مجلس الانماء والاعمار العام 2011 ان مياه نهر الدامور متطابقة مع كل المواصفات التي وضعتها منظمة الصحة العالمية، وتالياً هي صالحة للشرب بعد معالجتها. الا ان هذه الدراسات أُخفيت قسراً، كي لا يستعان بها كبديل من مشروع استجرار مياه نهر الليطاني الى بيروت.

كما تمّ إخفاء دراسات تقول انه يمكن لنهر الدامور تخزين واستجرار 100 مليون متر مكعب بكلفة زهيدة لا تتخطى 153 مليون دولار، وجرى استبدالها بتقارير ملفقة تقول ان اقصى كمية مياه يمكن تخزينها من مياه الدامور هي 40 مليون متر مكعب. وأكد شاتيلا ان هذه المعلومة كلها موجودة منذ العام 2007 لكن يتم اخفاءها من أجل دعم مشروع استجرار المياه من الليطاني، والحصول على أموال طائلة من البنك الدولي.

واعتبر شاتيلا ان البنك الدولي اليوم متورّط بالمشروع، فهو دفع 674 مليون دولار لجر مياه الليطاني الى بيروت، علماً انه قام بتمويل المشروع استناداً الى ان مياه الليطاني ملوثة بمعدلات مقبولة.

وحين أصبح المشروع على مشارف الانتهاء، بحيث من المتوقع ان تصل مياه الليطاني الى بيروت العام المقبل، اتفقت الأطراف المتضررة على إثارة ضجة اعلامية عن استفحال التلوث في الليطاني، وتالياً تبرير طلب اقتراض 800 مليون دولار من البنك الدولي لمعالجة مياه الليطاني، على أنه بعد عام من اليوم يكون خفّ التلوث في الليطاني، فتبدأ عندها معالجة مياه الليطاني في محطة الوردانية كما كان متفقا عليه سابقاً.

لكن المشكلة اليوم انه لا يمكن معالجة مياه الليطاني بالطرق التقليدية في محطة الوردانية، لذا قدم البنك الدولي قرضاً في 11 تموز الماضي بقيمة 55 مليون دولار لمكافحة التلوث في بحيرة القرعون ونهر الليطاني ولاستكمال شبكات الصرف الصحي في زحلة والقرى المجاورة، وعنجر والمرج.