Site icon IMLebanon

تقنين المازوت مستمر والبلد مهدّد بالعتمة الشاملة

 

تبديل اللاعبين على الساحة النفطية وإخراج بعضهم بالبطاقة الحمراء يحرم لبنان الضوء

 

ما الذي يحصل في موضوع المازوت؟ وهل فقدانه من الاسواق يعود إلى التهريب أم بسبب امتناع الشركات عن التسليم، أم لتأخر فتح الاعتمادات، أم لاحتكار كارتيل ما وغياب دور فعال لمنشآت النفط، أم لتخزينه في المحطات؟ ببساطة فان الجواب هو كل العناصر مجتمعة ممكن ان تكون سبباً، ولو ان السهام تطال هذه المرة الدولة والشركات أكثر من غيرها.

 

وزارة الطاقة تضع الحق في انخفاض مخزون المازوت لدى “المنشآت”، على التأخير في فتح الاعتماد لدى مصرف لبنان. والشركات تبرر النقص بعدم وصول البواخر والتأخر في إفراغ الحمولات. والمواطنون يلقون اللوم على أصحاب المحطات ويتهمونهم بتخزين المادة لحين ارتفاع الاسعار وتحقيق ارباح أكبر. واصحاب المحطات يتحججون بعدم تسليم الشركات للمازوت. والكل يلقي بجزء من اللائمة على التهريب إلى سوريا. وفي المحصلة فان مادة المازوت غائبة والبلد مهدد بالعتمة الشاملة. فكهرباء لبنان زادت معدلات التقنين نتيجة نقص المازوت وتراجع انتاج معامل الكهرباء. وأصحاب المولدات هدّدوا باطفاء مولداتهم بعد عجزهم عن تأمين هذه المادة من الاسواق، واضطرار أكثريتهم إلى التعبئة بالليترات من أجل تأمين التيار.

 

إحتكار الشركات

 

“ما حصل في الأيام الأخيرة كانت نتيجته تحقيق الشركات المستوردة للمازوت ربحاً بمقدار 1300 ليرة على كل صفيحة”، يقول عضو نقابة أصحاب المحطات جورج براكس. “ففي حين كانت خزانات الشركات مليئة بالمازوت، عمدوا إلى شراء باقي الكميات التي تدعمها الدولة من منشآت النفط في الزهراني وطرابلس. وبدلاً من بيعها، قاموا بتخزينها. واليوم ومع ارتفاع أسعار النفط تكون الشركات قد حققت ملايين الدولارات على حساب الدولة والمواطنين”. من هنا يعتبر البراكس ان “ازمة المازوت مفتعلة. وهي نتيجة احتكار الشركات من جهة، وغياب الدعم الرسمي للمنشآت النفطية من جهة ثانية. فالمنشآت يجب ان تكون ضابط إيقاع، تستطيع التدخل في السوق عندما تعمد الشركات إلى الإحتكار. وقد كان الاجدى بها الامتناع عن تزويد الشركات المستوردة بالمازوت، وايجاد آلية توزيع جديدة يستفيد منها صغار التجار والشركات غير المستوردة. وبذلك تكسر الاحتكارات وتصبح عملية التوزيع أكثر عدالة وشفافية ويستفيد منها جميع المواطنين”.

 

تحكّم الشركات بسوق المشتقات النفطية سواء كانت من بنزين أم مازوت أم حتى غاز ليس أمراً طارئاً على الساحة اللبنانية، من وجهة نظر إحدى شركات النقل والتوزيع. فهو يعود إلى سنين طويلة من تراخي الدولة وعدم إحكام قبضتها على هذا القطاع. انما المشكلة لا تنفجر وتظهر للعلن، إلا عندما تعجز المنشآت عن تسليم المواد لأسباب طبيعية أو غير طبيعية، كما حدث أخيراً. إذ انه بحسب ما نقل عن وزارة الطاقة فان الموردين من الخارج غيروا آلية التعامل، ما أدى إلى تأخر فتح الاعتمادات ووصول البواخر، ففرغت المصافي من البضاعة، ما اضطر التجار للتوجه إلى شركات التوزيع. الاخيرة وبسبب معرفتها بارتفاع الاسعار هذا الاسبوع عمدت إلى تقنين عمليات البيع وذلك لتحقيق الارباح من جهة، والتحكم بالاسعار من جهة ثانية.

 

رفع الدعم

 

المدير التنفيذي في شركة FXGROW، حسان مازح يعتبر ان “ما يجري في موضوع المازوت سينسحب قريباً على كل السلع المدعومة”، والذي هو برأيه المقدمة لرفع الاسعار تدريجياً، حتى لو كانت مدعومة. وهذا ما شهدناه أخيراً في موضوع الخبز. حيث عمدت الافران إلى تخفيض وزن الربطة إلى 900 غرام بدلاً من 1000 غرام، أي انها زادت سعرها بطريقة غير مباشرة. فتقنين السلع مقابل الحاجة الكبيرة اليها، وبيعها بسعر متدرج صعوداً سيجعل تقبلها في النهاية امراً واقعاً”. أما الحل برأي مازح فهو “الغاء الدعم المصطنع والعاجز في الحقيقة عن الصمود لفترة طويلة، والتركيز على جذب التدفقات النقدية بالعملة الصعبة من الخارج”.

 

التقنين مستمر

 

نقابة أصحاب المحطات تؤكد، بحسب احد المصادر، توقف بعض الشركات عن تسيلم مادة المازوت خلال الأيام القليلة الماضية. أما تأخر الدولة في فتح اعتمادات جديدة فهو يعود إلى توقف شركة zr energy، عن التعامل مع الدولة، واضطرار الاخيرة الى عقد اتفاقيات مع موردين جدد. وعليه فان التقنين في مادة المازوت سيستمر خلال الايام العشرة القادمة ولن تبدأ الامور بالحلحلة قبل 12 حزيران تاريخ قدوم البواخر الجديدة. إخراج اللاعبين الاساسيين BB energy وZR energy، اللذين كانا يزودان السوق عامة والكهرباء خاصة بمادة المازوت، على غفلة، هدد بايقاع البلد بالعتمة الشاملة. أما التلزيمات والعقود الجديدة فهي تحوم، بحسب مصادر مطلعة، حول شركة “كورال” للاضطلاع بمسؤولية استيراد المشتقات النفطية الى لبنان، وذلك بالنظر الى حجمها الكبير. إلا انه رغم طلب الجهات الرسمية من شركة “كورال” الحلول مكان الشركتين السابقتين، وتمني الكثير من المؤسسات النفطية القبول، نظراً لإحجام الشركات العالمية والمحلية عن الدخول في عقود مع الدولة، فان “كورال” ما زالت مترددة لغاية اللحظة، على الرغم من التوقع بقبولها في نهاية المطاف.