IMLebanon

الجيش أقفل المعابر أمام التهريب… المازوت مفقود ويُهدّد الموسم الزراعي

 

أقفل الجيش اللبناني المعابر غير الشرعية التي كانت تُستخدم في عمليات تهريب المازوت والطحين، وقبلها في تهريب السيارات المسروقة من لبنان إلى سوريا، وكذلك في هروب المطلوبين، وعند كل مداهمة أو خطّة أمنية كان المبرر بالنسبة إلى المستفيدين، هو أن عائلات لبنانية موجودة داخل الأراضي السورية.

 

جاءت حرب القصير، خلال المعارك بين “حزب الله” والمجموعات المسلّحة السورية، تحت حجّة حماية اللبنانيين الموجودين داخل الأراضي السورية بفعل الجغرافيا المتداخلة بين لبنان وسوريا. ومع إقفال معبر جوسيه أمام دخول اللبنانيين والسوريين وخروجهم، إبتكر تجّار الحروب والأزمات، معابر بعيدة من أعين الجيش اللبناني، وأقاموا جسوراً حديدية وخشبية لتسهيل مرور هؤلاء، ونقل بضائع من وإلى الداخل السوري، حتى غزت الأراضي اللبنانية بضائع سورية كـ”الأنتيكا” وغيرها، كانت تُسرق وتُهرّب إلى لبنان.

 

ومع انتهاء الحرب السورية وهدوء جبهة القصير، أعيد إفتتاح معبر جوسيه الرسمي أواخر العام 2017، لتنظيم دخول وخروج السوريين والراغبين في العودة إلى ديارهم، وتنظيم التبادل التجاري الذي يعود بالفائدة على الخزينة اللبنانية. ولأن البعض يُفضّل مصلحته الشخصية على مصالح المواطنين، بقيت المعابر مُشرّعةً أمام تهريب البضائع والسوريين بفعل القوّة.

 

ذاع صيت المعابر أخيراً، بعد تراجع سعر صفيحة المازوت في لبنان، وبدأت حركة التهريب تنشط إلى الداخل السوري، ولا تهدأ حركة الشاحنات ليلاً، فتملأ حمولتها من المحطّات التي تشتري بدورها المازوت من الشركات المستوردة للنفط، وتبيعه إلى الداخل السوري. ويبقى اللبناني تحت رحمة هؤلاء، وينتظر المواطن البقاعي إنخفاض سعر المازوت لملء خزانات الوقود واستعمالها خلال فصل الشتاء. كذلك يعتمد المزارعون على هذه المادة لري المزروعات في السهل المُمتدّ من رياق حتى الهرمل. ومنذ أكثر من عشرين يوماً، وبالرغم من إقفال الجيش اللبناني المعابر وتوقّف عمليات التهريب، بعدما أقام نقاطاً عسكرية ثابتة وأزال الجسور كافة وأغلق كلّ المنافذ، لا تزال مادة المازوت مفقودة في البقاع، ولا يستطيع المواطن شراءها إلا بالغالون الذي لا يتعدّى الـ 10 ليترات.

 

لا مازوت متوافراً الآن بانتظار توزيع الشركات، بهذه الكلمات يُجيب أصحاب المحطات وعُمّالها المواطنين عندما يقصدونها لتعبئة المادة، ففيما يعتمد البعض على شرائها يومياً من المحطة لريّ الأشجار المُثمرة والمزروعات، التي يعتمد عليها البقاع الشمالي بشكل اساسي، يُعبّئ عمّال المحطّات لهم المادة بالقطّارة، وفي كثير من الأحيان، يضطرّ المواطن لأن يقصد العديد من المحطات، لشراء ما يحتاج من كمّيات تكفيه لريّ الأشجار التي تحتاج كمعدّل وسطي للري كل أربعة ايام، فيما الخضروات والبطاطا تحتاج إلى ريّ شبه يومي.

 

خسائر المزارعين

 

علي الحلّاني، صاحب أحد المشاريع الزراعية، تحدّث لـ”نداء الوطن” عن صعوبة تأمين مادة المازوت لريّ حقوله المزروعة بالبصل، وهي تحتاج للريّ خلال هذه الفترة لتنضج، وقال إنّ فقدان المادة يُعرّض المزراعين لخسائر، فالمُزارع يحتاج لمادة المازوت لتشغيل آلياته ومضخّات الآبار وغيرها، والمزروعات تحتاج الى الريّ على أكمل وجه حتى تُعطي نوعية ممتازة وكمّيات وفيرة، والغرامة التي يمكن أن تفرضها الدولة على المازوت أو البنزين، ستدفع بالمزارع إلى رفع الأسعار، وسترتفع بالتالي على المواطنين الذين يعيشون حالةً إقتصادية صعبة”، مضيفاً “المطلوب اليوم دعم المزارع من قبل وزارة الزارعة، وأسوةً بقطاع الصناعة عليها تأمين المواد الأولية بالأسعار المناسبة وفي مقدّمها المازوت. وأوضح أن المعدّل الوسطي للكمّية التي يحتاجها يومياً هي 150 ليتراً و”تُؤمّن بطلوع الروح”.

 

وعلى أطراف الحدود، يتكبّد سكّان القرى مشقّة تأمين المازوت، وفيما يُخزّن البعض المادة لفصل الشتاء ويملأ خزانه الذي لا يتعدّى الألف ليتر، يشتري البعض الآخر بشكل شبه يومي، عدداً من الغالونات لري الأشجار المثمرة، كما هي الحال في بلدة معربون الحدودية والتي تعتمد على الأشجار المثمرة، وفيها عدد من الآبار الإرتوازية والتي تحتاج الى المازوت لتشغيل مضخّاتها. ويشكو الأهالي من تدقيق الجيش اللبناني في الكمّيات التي ينقلها الناس من بعلبك إلى القرية، وفي حال زاد العدد عن أربع غالونات بمُعدّل لا يتجاوز الأربعين ليتراً، يحتاج الأمر إلى موافقة قيادة الفوج المُنتشر على طول الطريق وعلى أطراف البلدة، والذي تردّ قيادته القضية إلى التهريب، في حين أن أبراج المراقبة منتشرة على أطراف البلدة، وتُمسك بكامل الحدود الشرقية ولا معابر غير شرعية مع الداخل السوري.