IMLebanon

جنون أسعار المازوت يلسع البقاعيين وطوابير أمام “الأمانة”

 

أرباح أصحاب المحطات تُترجَم سيارات فارهة وأبنية

 

لم يستطع البقاعيون تخبئة جمراتهم الكبيرة لشهر آذار بسبب جشع التجار والغلاء والأزمة الاقتصادية والارتفاع المتدرج بأسعار المحروقات تأثراً بالحرب الأوكرانية ـ الروسية، وعادوا إلى مربّع الطوابير والبحث عن مواد التدفئة من دون أن يجدوها.

 

يسارع المسؤولون عند كل أزمة تهدّد اللبنانيين إلى طمأنتهم بأن المواد الأساسية مؤمّنة، وأن الاحتياطي الاستراتيجي الذي تخبّئه الدولة اللبنانية يكفي لأسابيع عدة ولا داعي للهلع، لكن الواقع على الأرض مغايرٌ تماماً، وكأن أرباب السلطة يعيشون في وادٍ آخر، لا يعلمون ماذا يفعل التجار والمحتكرون من شركات مستوردة للنفط، أو موزّعو الطحين والمواد الغذائية التي باتت صعبة المنال على الكثيرين.

 

جاء برد آذار وعواصفه التي تتوالى لتتفاقم معاناة البقاعيين، فيتذكرون ما عانوه خلال فصل الشتاء من تأمين المازوت وثمنه وقد وصل حينها إلى ثلاثة ملايين ونصف للبرميل الواحد، وهو الحد الأدنى الذي يحتاجه أي منزل شهرياً. ومع تدبر الأمر خلال جنون البرد والصقيع من إشعال الحطب وما يرافقه من مواد، عاد الصقيع يلف البقاع الشمالي مترافقاً مع ارتفاع جنوني في أسعار المحروقات تأثراً بارتفاع أسعار النفط عالمياً، ومساهمة الشركات المستوردة للنفط والموزعة في تضييق الخناق على الناس ورفع الأسعار عند تسليم المحطات وتقنينه في أوقات كثيرة، ومشاركة أصحاب المحطات عبر احتكار المازوت والبنزين وإقفال محطاتهم أمام المواطنين، لتعود الطوابير إلى الاصطفاف مجدداً، وتبدأ رحلة البحث عن المازوت لتأمين التدفئة خلال العاصفة التي تضرب لبنان.

 

بفارق مئة وخمسين ألفاً عن التسعيرة الرسمية تباع صفيحة المازوت في البقاع الشمالي حيث وصلت إلى 650 ألف ليرة لبنانية، وهو استغلالٌ لحاجات الناس وفقرهم ليس مثله استغلال، ناهيك عن فتح المحطات لساعات وإقفالها خراطيم ماكيناتها بغية انتظار جداول الأسعار في اليوم التالي لتحقيق الأرباح أكثر وأكثر، وما البذخ الذي يعيشه بعض أصحابها من سياراتٍ فارهة وأبنيةٍ يشيدونها سوى صورة عن الأرباح التي جنوها خلال الأزمات التي توالت على لبنان منذ سنتين حتى اليوم.

 

صاحب محطة وهو الوحيد الذي كان يفتح دائماً لحين بيع المخزون كاملاً وبالتسعيرة الرسمية، أوضح لـ»نداء الوطن» أن الشركات الموزعة تحتكر المحروقات وتفرض التسعيرة وفق ما تريد، حيث تسلم صفيحة المازوت بـ 25 دولاراً للمحطة ليتم بيعها بـ 27 دولاراً وهذا السعر يفوق قدرة أي مواطن على تحمّله، فمعاشه أصبح يساوي ثمن صفيحتين، والصفيحة الواحدة لا تكفي يومين، والطوابير عادت تظهر، وتحديداً عند محطات الأمانة التابعة لـ»حزب الله» والتي تبيع المازوت الايراني وفق التسعيرة الرسمية للدولة، وفي وقت كان هذا المازوت لتخفيف الأزمة وحلّها، أصبح اليوم هدفاً للناس ولو وقفوا لساعات، حيث يوزّع القيمون على المحطات الأرقام على المواطنين لانتظار أدوارهم، إضافة إلى زحمة الفانات التي تعمل على المازوت أيضاً». وأشار إلى أن الأسعار عندهم ترتبط بسعر صرف الدولار حيث زادوا التسعيرة يوم الأربعاء بفارق 30 ألفاً عن التسعيرة الصباحية تزامناً مع ارتفاع سعر الدولار، ورأى أن «حزب الله» الذي عمل على استقدام المازوت لتخفيف الأعباء عن الناس والحدّ من الطوابير، يمكنه اليوم توزيع المازوت على المحطات في بعلبك والجوار ومراقبة العدّادات والأسعار ليتسنى للجميع الحصول على المادة في عز البرد وتخفيف الزحمة.

 

والبنزين أيضاً

 

أما البنزين فترتفع أسعاره يومياً بمعدل 20 ألف ليرة للصفيحة الواحدة إن وجدت أيضاً، ما يكبّد الناس المزيد من الخسائر، ويصعّب عليهم الخروج إلى أعمالهم ومصالحهم، أو ايصال أبنائهم إلى المدارس ودفع بدل النقل في الباصات التي رفعت السعر هذا الشهر، ما يصعّب على المدارس استمرار فتح أبوابها للطلاب العاجزين عن الوصول إليها، كذلك قد يتّخذ بعضها قراراً بالإقفال خلال الأسبوع المقبل الذي يحمل معه مزيداً من البرد والأمطار بسبب نفاذ المازوت وارتفاع أسعاره.