سيناريوهات مختلفةللتسوية ومحاربة الارهاب
لا أحد يعرف متى وكيف تنتهي حرب سوريا التي يبدو السوريون المشاركون فيها مجرد لاعب بين عشرات اللاعبين من دول وجنسيات متعددة. حتى الأجندات السورية للنظام ولأنواع المعارضين السلميين والمسلحين، المعتدلين والمتطرفين، فإن الأجندات الاقليمية والدولية تطغى عليها. فالمنخرطون في الحرب يكررون من البدء الى اليوم الخطاب القائل انه لا حل عسكرياً في سوريا. وكل لقاء حول سوريا ينتهي باعلان التفاهم على عنوانين: تسوية سياسية، وحرب على الارهاب. وأي تدقيق في قراءة ما تحت العنوانين يوحي أن هناك أكثر من طبعة للتسوية السياسية وأكثر من سيناريو للحرب على الارهاب ضمن أهداف مختلفة. واللقاء الأخير بين الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين في باريس على هامش قمة المناخ لم يكن استثناء من القاعدة.
ذلك ان الناطق باسم الكرملين أعلن تأييد الرئيسين لبداية تسوية سياسية. والناطق باسم البيت الأبيض كشف أن الرئيسين بحثا في ضرورة احراز تقدم في عملية فيينا. أقل ما قاله بوتين هو ان هناك تفاهماً على الاتجاه الذي يجب أن نتحرك فيه في سوريا. واذا كنا نتحدث عن ضرورة التسوية السياسية، فإن ثمة حاجة الى دستور جديد وانتخابات جديدة خاضعة للرقابة. وأقل ما شدّد عليه أوباما هو أهمية تضامن الجهود العسكرية لمحاربة داعش بدل المعارضة المعتدلة.
والمعنى البسيط لذلك ان الخلاف الأميركي – الروسي على مصير الرئيس بشار الأسد ليس العقدة الوحيدة في التسوية. فالتسوية السياسية التي يشترط لها أوباما رحيل الأسد قبل بدء عملية الانتقال السياسي تختلف عن التسوية التي يربطها بوتين ببقاء الأسد على أساس ان السوريين وحدهم يملكون الحق في القرار. وهما معاً تختلفان عن التسوية التي يريدها النظام والتي تريدها ايران والتي في برامج المعارضين، وبالطبع عن الدول الدينية التي يقاتل من أجلها الأصوليون الارهابيون.
واذا كان أوباما يطالب بتركيز الضربات على داعش بدل المعارضة المعتدلة، فلأنه يطلب تسوية تحقق أجندة واشنطن والمهم من مطالب المعارضة التي يراد لها ان تفاوض من مركز قوة. واذا كان بوتين يركز القصف على المعارضة المسلحة في المناطق المحيطة ب سوريا المفيدة أكثر من مناطق داعش، فلأنه يرسم بالعمل العسكري اطار التسوية السياسية ومضمونها، بحيث يأتي النظام الى المفاوضات من موقع قوة والمعارضة التي تختارها موسكو من موقع ضعف، وتتحقق الأهداف الاستراتيجية الروسية.
لكن من الصعب تجاهل الأدوار التي تلعبها القوى المحلية والاقليمية وأهدافها. فلا شيء يضمن انضباط الأحداث على ما يخطط له الكبار. ولا من السهل التحكم بحرب متعددة الجنسيات والأجندات.