IMLebanon

صعوبة تحسين الشروط حتى في الوضع – الغلط

في البدء كان الغلط: استسهال الشغور الرئاسي، والاتكال على مجلس الوزراء في ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة حسب المادة ٦٢ من الدستور. وفي الممارسة التي طالت، من حيث لم يتصور واضعو الدستور، تبيّن أن الغلط منهجي وله وظيفة وأهل في الخارج والداخل، وصار كابوساً يومياً لمن يريد انتظام العمل العام. واذا كان رئيس الحكومة تمام سلام يكرّر يومياً الدعوة الى انتخاب رئيس للخروج من الوضع – الغلط، فان التعطيل المتبادل لمصالح البلد والناس يدفعه الى البحث عن تحسين لشروط اتخاذ القرار في الوضع – الغلط. كيف؟ بالسعي لتعديل في آلية اتخاذ القرار لكي يعمل مجلس الوزراء بالحد المعقول من طاقته.

لكن الظاهر ان ألغاء قواعد الاشتباك مع العدو الاسرائيلي، كما أعلن السيد حسن نصرالله، يبدو أسهل من تعديل قواعد اللعبة في مجلس الوزراء. فالمهمة، في الشكل، سوريالية: مطلوب ان يوافق الوزراء بالاجماع على التخلّي عن آلية الاجماع، بحيث يتم اتخاذ القرارات بالأكثرية اذا تعذّر التوافق. والمهمة في المضمون، شبه مستحيلة: كيف يتخلّى أهل المحاصصة عما يضمن لهم الحصة في أي مشروع، ويتخلّى أصحاب الخيارات الاستراتيجية الاقليمية عن الصلاحية التي تسمح لهم بتعطيل كل ما يخالف خياراتهم؟

أليست المطالبة باصلاح مجلس الأمن الدولي وزيادة عدد الدول دائمة العضوية معلقة في الهواء منذ أكثر من عشر سنين لأن الدول الخمس صاحبة العضوية الدائمة وحق الفيتو ترفض أن يشاركها أي عضو جديد؟ أليس مجلس الوزراء مجلس أمن أكبر، حيث يتمتع كل من أعضائه ال ٢٤ بحق الفيتو ويتصرّف كرئيس، في حين ان خمسة فقط يملكون الفيتو في مجلس الأمن؟

لا فائدة بالطبع من التذكير بأن المخرج موجود في الدستور عبر تطبيق المادة ٦٥ التي تحدّد المواضيع المحتاجة الى أكثرية الثلثين والبقية للأكثرية العادية، وبوجود رئيس للجمهورية يمارس صلاحياته. فلو كنّا نحتكم الى الدستور لما وصلنا الى الشغور الرئاسي، ولا بالطبع الى استمراره واقتراب عمره من سنة؟ ولو كنّا أسياد أنفسنا أو أقله أصحاب هموم حيال قضايا الناس والبحث عن معالجتها لما جلسنا ننتظر المفاوضات الأميركية – الايرانية ومناخ العلاقات بين طهران والرياض وتطورات حرب سوريا وجولات الديبلوماسي الفرنسي جان فرنسوا جيرو لنعرف مصير الرئاسة، والبعض يقول مصير الجمهورية.

كل ذلك، ونحن في منطقة عواصف قوية، ونعاني أخطر أنواع البؤس السياسي والاقتصادي والاحتقان الطائفي والمذهبي. والمفارقة ان ما يرافق الإجماع على رؤية خطر داعش هو الخلاف على الوسائل الملائمة لمواجهة الخطر والبقاء بلا رئيس.