Site icon IMLebanon

خَفِّفوا من تشاؤمكم

عشية كل جلسة لمجلس الوزراء، تنتشر الإشاعات كالنار في الهشيم من أن الجلسة ستكون الاخيرة وان الحكومة ستفرط أو تنفجر من الداخل أو ان بعض الوزراء سيعلقون مشاركتهم وأنهم لن يوقعوا على القرارات التي ستتخذ.

لا يبقى مصطلح من مصطلحات التصعيد إلا ويستخدمه المتشائمون الذين يهددون بالويل والثبور وعظائم الامور.

اثناء الجلسة وغداتها تتهاوى هذه المصطلحات وكأن تصعيد المساء يمحوه الصباح، فلا تصعيد ولا من يُصعِّدون ولا انسحابات ولا من ينسحبون ولا استقالات ولا من يستقيلون، أما التهويل فمن صلب السياسات اللبنانية.

لنتطلع من حولنا، فماذا نجد؟

هذا الوزير عاد من ميلانو بعدما شارك في نشاط دُعي اليه لبنان.

وزير آخر يستعد للسفر إلى كندا للاطلاع على أوضاع الجالية اللبنانية فيها.

وزير ثالث يستعد للسفر الى إحدى الدول الاوروبية للقاء نظيره فيها.

رئيس الحكومة في السعودية غدا للقاء قادتها وللبحث في آخر التطورات في المنطقة.

***

هذا على المستوى السياسي والديبلوماسي، فماذا عن المحطات الاستثنائية المضيئة؟

شركة طيران الشرق الاوسط تحتفل بالعيد السبعين لتأسيسها، في أكبر حشد للشخصيات الرسمية من مدنيين وعسكريين، على رأسهم رئيس الحكومة وعدد كبير من وزرائه، ونواب وحاكم مصرف لبنان ورؤساء أحزاب ورجال أعمال وممثلو القطاعات، وينجح رئيس مجلس الادارة محمد الحوت في جمع هذا العدد الكبير من الشخصيات كأسطع دليل على الثقة بحاضر البلد ومستقبله وبأن لا شيء يدعو الى القلق.

المناطق تتسابق في الترويج لمهرجاناتها السياحية:

من بعلبك الى بيت الدين الى صور الى جبيل الى الذوق الى جونيه، فكيف سيقف المتشائمون أمام هذا الكم من النشاطات السياحية؟

***

ان الدنيا تهتز ولا تقع، هذه هي ثقافة التفاؤل فلماذا السوداوية؟ لماذا ضرب المعنويات؟ لماذا إحباط الناس؟ ليقم المتشائمون بجولة في العاصمة وبعض المناطق وليحاولوا ان يحجزوا طاولة في مطعم، فماذا يجدون؟ الجواب ان عليهم الانتظار. ليبحث المتشائمون في سجلات وكالات السفر والسياحة، فماذا يجدون؟ الحجوزات سجلت تحسنا كبيرا عما كانت عليه السنة الفائتة.

هذا عن الواقع السياحي، فماذا عن الواقع السياسي؟ الأمور ليست بالتشاؤم الذي يعممه البعض، صحيح اننا في منطقة مليئة بالبراكين الحربية، لكن مع ذلك فإن لبنان بألف خير مقارنة باوضاع تلك الدول: من يتذكر معارك طرابلس بين باب التبانة وجبل محسن؟ هل كان يمر يوم من دون معارك؟ من يتذكر السيارات المفخخة؟ ألم يصل أهل الضاحية الى حد وضع اكياس الرمل أمام واجهات محلاتهم للحماية من التفجيرات؟

من يتذكر قطع الطرقات والاحتجاجات؟

أين لبنان من كل هذه الايام السوداوية؟ بدل المعارك أصبحت هناك خطط امنية، وبدل التشنج اصبحت هناك جلسات حوار ثنائية.

وهكذا تهتز الدنيا ولا تقع، فخففوا يا حضرات المتشائمين من تشاؤمكم.