IMLebanon

التحريض العائلي ورايات “الحزب” في صلب معركة زحلة

 

أبو دية: تحالفت مع “القوات” كمستقلّة بناء لقناعات وعلينا تقبّل الآخر

 

منذ بدء تشكيل اللوائح الإنتخابية في مدينة زحلة، كانت هناك علامات استفهام عن الشخصية الشيعية التي ستتحالف مع «القوات اللبنانية» لتدخل لوائحها، خصوصا أن الأخيرة حددت عنوانها السياسي الرئيسي باستعادة السيادة وتحرير القرار والمواجهة المباشرة مع «حزب الله». بدا طبيعياً أن يوضع أي مرشح شيعي يتحالف مع «القوات» في موقف لا يحسد عليه، لما يمكن أن يعرضه ذلك من اضطهاد داخل بيئته. ومن هنا كان تحذير منسق عام زحلة في الحزب حينها ميشال فتوش، من اي اضطهاد سيتعرض له مرشحو الشيعة على اللائحة، ملوحاً بمعاملة بالمثل بالنسبة للمرشحين المسيحيين على لائحة «حزب الله» في الدائرة.

 

بالطبع، كان فتوش يدرك تماما، بأن «القوات» حتى لو أرادت ممارسة مثل هذا الإضطهاد، لن يكون ذلك متاحاً لها. خصوصا أن حلفاء «حزب الله» المسيحيين على اللائحة، هم تيار سياسي موجود في المدينة، وبالتالي فإن التعامل مع مرشحيه لا يمكن أن يتم إلا كمكونات للتنوع الذي يعكسه المجتمع الزحلي المسيحي. وبالتالي ترجمة الحالة الإعتراضية على مثل هذا التحالف لن تكون إلا في صناديق الإقتراع.

 

إلا أن كلام فتوش شكّل إستباقا ربما، لما تعرضت له المرشحة ديما أبو دية، وهي للمناسبة السيدة الأولى من الطائفة الشيعية التي تتقدم بترشيحها عن دائرة زحلة. ويبدو أن اللفتة الناعمة التي خصها بها الدكتور سمير جعجع يوم الأحد، مطلقاً عليها لقب زهرة اللائحة، شكلت إزعاجاً للبعض، دفع بعائلتها أو أقله بجزء منها لإصدار بيان يتبرأ فيه من هذا الترشح على لائحة «القوات». فجاء في بيان صادر عن عائلة «ابو دية» ، «ان العائلة هي واحدة من عائلات البقاع الممتدة على مساحة الوطن، وكان لها شرف المشاركة بتحرير الأرض من شتى صنوف الاحتلالات وفي مختلف أحزاب المقاومة ابتداء من الاحتلال العثماني إلى الاسرائيلي… وما زالت هذه العائلة تقدّم صورتها المقاومة والداعية إلى الوحدة والتعايش. بناء عليه، فإننا نعارض ونستنكر ترشّح السيدة ديما أبو دية زوجة الدكتور علي ياغي عن المقعد الشيعي في لائحة «القوات اللبنانية»، ونعتبر أن هذا الترشّح لا يعبّر عن هوية عائلة «آل ابو دية» ومسيرتها النضالية».

 

هذا البيان أثار موجة من التعاطف في زحلة مع ابو دية، في مقابل إنقسام داخل العائلة نفسها. ورأى فيه البعض محاولة لقمع الرأي الآخر، مهما كان حجم هذا الرأي الذي قد لا يعبر عن الأغلبية.

 

إلا أن بيان عائلة ابو دية لم يكن مفاجئاً، لا بل أن البعض كان يتوقع تماماً ما يمكن أن يتحمله أي مرشح شيعي على لائحة «القوات» من تداعيات شخصية، تجعله حبيس التخوين من أبناء طائفته، وعدم الإقتناع بجدية ترشيحه من سائر مكونات المجتمع.

 

في المقابل، إذا كان من الطبيعي أن ينطلق كل مرشح من تأييد عائلته أولا، إلا أنه في معركة الإنتخابات النيابية، لا يتوقع الكثيرون أن تجمع عائلة واحدة على مرشح. فبين مرشحي «القوات» الآخرين، كما مرشحي سائر اللوائح، كثيرون لا يحظون بإجماع عائلاتهم، وخصوصا في ظل انقسام سياسي عمودي، غيّر مفهوم التصويت في الإنتخابات النيابية، وخصوصاً منذ دخول الأحزاب الى الحياة السياسية اللبنانية.

 

إلا أن التعبير عن هذا التنوع في العائلات، يبقى محصوراً بصناديق الإقتراع، ولم يسبق أن عقدت عائلة مؤتمراً صحافياً لتتبرّأ من فرد من أفراد العائلة، لمجرد أنه تجرأ على الترشح للإنتخابات بخط سياسي مخالف لقناعات بعضها، أو حتى معظمها، إلا إذا كان ما قيل باسم العائلة يعكس نوعاً من الضغوط السياسية التي تعرّضت لها هي نفسها لتصدر مثل هذا البيان.

 

فإلى أي حد تعتبر ابو ديه متهورة باختيارها التحالف مع «القوات» التي تخوض المعركة بعناوين المواجهة المباشرة التي أعلنتها مع «حزب الله» وحلفائه؟

 

تقول ابو دية لـ»نداء الوطن» إن «تبرؤ العائلة الأخير الذي حصل في البقاع هو عندما ارتكب أحدهم جريمة قتل طبيب، قبل الجريمة التي يعتقدون أنني أرتكبها وتستدعي التبرؤ مني، بينما نحن اليوم نطالب بأن نتقبل الآخر ونتشارك بالحياة والوطن، والدستور يكرس لنا حرية الترشح وإبداء الرأي».

 

ومن هنا ترفض ابو دية أن يكون ترشحها مع «القوات» تهوراً، «نتحدث عن إستحقاق وطني، وقررت التحالف مع «القوات» كمستقلة بناء لقناعات معينة، والجميع يجب أن يتقبل وجود الآخر، وإذا كانوا ينادون بالعيش المشترك والوطنية، البيان الذي صدر لا يمثل لا الوطنية ولا العيش المشترك. فهم يقولون في البيان إنهم يقدرون الحريات بينما كلامهم لا يمثل تقدير الحريات، إضافة الى انني لا أعتقد أن البيان يمثل العائلة كلها». واستنكرت كيف صيغ البيان بوصفها زوجة علي عاطف ياغي «وكأنهم ينكرون وجودي كأنثى، ولا يتقبلون أن أكون أنثى مستقلة متحررة حاملة إسمها وشعاراً، وتدافع عن مطالب وطنية محقة، خصوصا ان خطاباتي معتدلة تطالب بأمور وجودية وإجتماعية».

 

أيا يكن الأمر، يبدو أن عناوين المواجهة التي انطلقت مفاعيلها على الأرض تتجه الى مزيد من التحمية في مدينة زحلة، وخصوصاً بين طرفي المعركة المتمترسين بين لائحتي «القوات»، وتحالف «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» وحزب «الطاشناق». ومن الطبيعي أن يتخللها تعقب كل طرف للآخر على أكثر من صعيد، وكان آخرها يوم أمس الاول بيان أصدرته «القوات» في زحلة إعترضت فيه على رفع رايات «حزب الله» على أعمدة الإنارة العامة في نطاق بلدية زحلة وطالبت البلدية بإزالتها فوراً، قبل أن تزال هذه الرايات لاحقاً بطلب من بلديتها، وإنما من ضمن نطاق بلدية زحلة وحدها.