لم نُفاجأ بالمروحة الواسعة من ردود الفعل على اللقاء «التشاوري» الذي عُقد في الصرح البطريركي في الديمان، المقر الصيفي. ونبادر الى القول إننا قد نوافق على الكثير من التعليقات التي أشادت بهذه البادرة وقد نلتقي مع الكثير من تلك التي انتقدتها. كما أننا لن ندخل في التحليلات التي تعمقت في خلفياتها وأسبابها الموجبة أو غير الموجبة، سيّان ما كان منها في السياسة أو في اعتبارات أخرى عديدة.
في أي حال، ومن حيث المبدأ، من حق أي طرَف وفريق وجهة ومسؤول أن يلجأ الى أفياء الذي أُعطي له مجد لبنان، ولكن هل ينطبق هذا على رئيس حكومة لبنان؟ الجواب متروك الى مَن يعنيهم الأمر، أفي السراي الكبير أم خارجه، وبالذات الى أركان وقيادات الطائفة السنية الكريمة.
ولقد يكون هذا الكلام مجتَزَأً إذا لم نطرح بضعة أسئلةٍ تفرض ذاتها، وبإلحاح، في هذا المجال:
1 – هل أن هذا اللقاء سيصبح عرفاً يُعمل به سنوياً أو موسمياً أو ظرفياً؟
2 – واستطراداً، هل سيبقى العرف محصوراً بلقاء تشاوري بين البطريرك الماروني ورئيس حكومة لبنان ومعه الوزراء الأعضاء فيها؟
3 – وسياقاً: هل يتمدد العرف ليشمل مفتي الجمهورية اللبنانية (مفتي أهل السنة) أو إنه يتوسع الى المفتي الجعفري الممتاز، وربما رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، أو نائبه، الى أن يرد الله غربة الإمام المغَيّب السيد موسى الصدر، أو سواهم من الطائفة الشيعية الكريمة؟
4 – وفي السياق ذاته: في إطار ما يكون قد أصبح عرفاً، هل يكون ثمة لقاء تشاوري أيضاً يجمع رئيس الحكومة وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الكريمة (وربما شيخا العقل كلّ منهما على حِدى)، وأيضاً المرجعية العليا للطائفة العلوية الكريمة؟
5 – وماذا عن طائفة الروم الأرثوذكس الكريمة، وإذا تناولها العرف، هل سيقصد رئيس حكومة لبنان ووزراؤه البطريرك في دير البلمند أو إنه «يستقرب» الى مطرانية بيروت في الأشرفية؟
6 – وماذا عن بطاركة الطوائف المسيحية الكريمة الأخرى من بطاركة الروم الكاثوليك، وكاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس، والأرمن الكاثوليك، والسريان الأرثوذكس، والسريان الكاثوليك، والكلدان الأرثوذكس، والكلدان الكاثوليك، والطائفة البروتستانتية الكريمة بتفرعاتها العديدة(…)؟
7- وماذا عن الطائفة الثامنة عشرة، وأعني بها «طائفة» الذين لا طائفة لهم، وهم الملحدون، هل سيجد رئيس حكومة لبنان ومعه وزراؤه (في حال بات الأمر عرفاً) أن لديه أسباباً موجبة لعقد لقاء تشاوري معهم؟
ويبقى ثمة سؤال أكبر: ما هي النتيجة المتوقعة من التظلل تحت عباءة سيدنا غبطة البطريرك بشارة الراعي؟ وهل هي قريبة أو على المدَيَين المتوسط والبعيد؟