خليل الخوري –
المهم الاّ يدخل الحريق الى لبنان الذي يعيش، وسط حرائق تجتاح المنطقة وتحمل نُذُر المزيد من الحروب والكوارث، حتى إذا ما بدا أنّ مشكلة أو حرباً إنتهت عاد أوارها ليشتعل مجدداً، والوقود جاهزة وقيد الطلب، خصوصاً وأن إسرائيل حاضرة في ذلك كلّه مباشرة أو غير مباشرة.
ويتعذر المرور بالتطورات المستجدة في سوريا والتي إنتهت بإسقاط طائرة ف -16 الإسرائيلية التي تعتبر فخر الصناعة الحربية الأميركية منذ عقود وحتى اليوم، من دون التوقف عند أهميته وكونه يشكل منعطفاً في الصراع العربي – الإسرائيلي. ولقد قيل الكثير طوال اليومين الماضيين في هذا التطور لذلك لن نزيد، إلا أننا نكتفي بالقول إن الوجود الروسي في سوريا، ومشاركته بالحرب الدائرة رحاها في هذا البلد، لم يمرّ مرور الكرام إنما طبع المرحلة بطابعه سواء أكان بالنسبة الى القرارات الدولية في مجلس الأمن من خلال المواقف الروسية شديدة الضغط في مصلحة نظام الرئيس بشار الأسد، أو لجهة الوضع الميداني على الأرض والمشاركة في المعارك براً وجواً ، وقليلاً ما حدثت مشاركة بحرية أيضاً بالقصف من البوارج الرابضة في البحر مقابل قاعدة حميميم الروسية.
وشكل سقوط الطائرة الإسرائيلية صدمة سلبية في إسرائيل بقدر ما كان له من تأثيرات نفسية وعسكرية مباشرة. على الصعيد النفسي لاشك في أنّ الإسرائيلي يعتد بسلاحه الجوي منذ حرب حزيران 1967 الذي عاد الفضل فيه لتحقيق اسرائيل انتصارها على العرب الى سلاح الجوّ وكان يومها مشكلاً من طائرات الميراج الفرنسية… وكانت في حينه إحدى أهم الطائرات المقاتلات في العالم.
وبعدما أوجدت إسرائيل اسواقاً لها لبيع اسطولها الجوي الحربي من الميراج في بلدان اسيوية وافريقية واستبدلته بالفانتوم الأميركية بأجيالها المختلفة حققت لذاتها قدرة على العربدة خصوصاً في أجواء لبنان وسوريا، وباتت لا تحسب حساباً لأي مخاطر تعترض طياريها وطائراتها… فازدادت العربدة التي استطاعت بموجبها أن تدمر البنى التحتية في لبنان غير مرة خصوصاً في حرب تموز 2006… وإنتهت تلك الحرب التي دمرت إسرائيل خلالها لبنان من دون أن تحقق أي إنتصار استراتيجي ولكن طيرانها بقي يعربد في الجو، وخروقاته ليلاً ونهاراً بلغت عشرات الآلاف من دون أن يستشعر الصهاينة أي خطر.
وخلال الحرب السورية «فلتت» إسرائيل ضدّ أهداف في سوريا سيان أكانت أهدافاً سورية مباشرة أو تابعة لإيران ولحزب اللّه كما تدّعي الدولة العبرية!
وبقيت «فالتة» حتى صباح يوم أول من أمس السبت… صحيح أن الدفاعات السورية لم تسقط سوى طائرة واحدة من السرب المهاجم… ولكن الصحيح أيضاً أن «شيئاً ما» جديداً ومهماً حدث وينذر اسرائيل بأن طائراتها صارت في متناول الدفاعات الجوية… هذه الدفاعات التي اذا كانت في سوريا فمن المتيسّر أن تكون في لبنان!
وفي تقديرنا أن هذا الحدث اللافت يجب أن يكون باباً لتدخل منه مفاوضات السلام من جديد على قاعدة حق الشعب الفلسطيني بدولته في أرضه وبعاصمتها القدس الشرعية.
وإلاّ، فإن على إسرائيل أن تستعد لمزيد من المفاجآت… وتلك هي أحكام التاريخ.