في الوقت الضائع والثقيل تثير بعض الاخبار من نوع «لقاء يجمع جبران باسيل وشامل روكز» أو استضافة الاخير لعدد كبير من الإعلاميين في فيلته المستأجرة في اللقلوق أو إقامة ميشال معوض مأدبة عشاء في إهدن على رأسها طوني فرنجية ويوسف سعادة ونائب «القوات» فادي كرم وبيار رفول.. صخبا سياسيا أكبر من مواكبة تداعيات وزير الخارجية المصري سامح شكري الى لبنان!
لذلك، يصبح مفهوما «تركيب الافلام» والتحليلات التي تعقب جلسات يوجد فيها مثلا «التريو المردي ـ القواتي ـ العوني» على طاولة واحدة بضيافة ميشال معوض وبحضور ممثل عن «تيار المستقبل» وآخر عن الوزير أشرف ريفي!
العنوان هو رسالة من معوض بأن «زغرتا الزاوية تتسع للجميع» بعد التجربة البلدية، وبالتالي كان بديهيا أن يفتح باب الاجتهادات على ما يمكن ان يكون عليه المشهد النيابي في قضاء زغرتا بعد مرحلة «الغزل البلدي» الذي كرّس توافقا جديدا في زغرتا، وهو الامر الذي اشار اليه معوض في كلمته خلال العشاء بأن «التجربة التي تحافظ على خصوصية كل فريق وقناعاته، تفتح نافذة لمستقبل زغرتا».
المقرّبون من معوض يشيرون الى نقطة قوة أساسية لديه تتجلى بكونه منفتحا على الجميع والدليل «طاولة أهدن» ليل الجمعة بما جمعته من تناقضات سياسية، لكن من دون أي تراجع عن خطابه السياسي والدليل تركيزه على انهيار الجمهورية بسبب السلاح غير الشرعي، وانتقاده للنقاشات البيزنطية على طاولة الحوار، واعتباره «بدعة الفيتوهات تحت شعار الميثاقية هي ابنة الدوحة وليست ابنة الطائف»…
راصدو اللعبة السياسية في زغرتا الزاوية يجزمون بأن الانتخابات النيابية المقبلة في زغرتا، وبغض النظر عن نتيجة التنافس الرئاسي بين ميشال عون وسليمان فرنجية، يصعب جداً مقاربتها «بالمنطق البلدي»، مؤكّدين أنها قد تتحوّل الى إحدى ساحات «تصفية الحسابات السياسية».
بعد قرار نايلة معوض مغادرة الحلبة النيابية والوزارية، استلم نجلها معوض الدفّة لكنه لم يوفّق في أولى معاركه السياسية. خسر الانتخابات النيابية في العام 2009 بفارق 922 صوتا بعد أن خذله الصوت السني وفي ما اعتبرها معوض آنذاك «ألاعيب وزارة الداخلية».
كل المعطيات اجتمعت آنذاك، لاقصاء نجل الرئيس الشهيد رينيه معوض واقفال بيت العائلة، لكن ها هو ميشال معوض يحتفي بالتوافق البلدي الذي لم تشهده زغرتا منذ زمن الحرب.
وبرغم التباعد السياسي والانتخابي بين عائلتي فرنجية ومعوض كان رئيس «حركة الاستقلال» من دعاة عدم تسلّل «جرثومة» الاختلاف السياسي الى الجسم البلدي الانمائي، وهذا ما يفسّر انحيازه مؤخّرا لمفهوم التوافق وتسويقه وملاقاته فرنجية الى نصف الطريق، فيما كانت تجربة 2010 البلدية قد كرّست هذا التباعد من خلال حصد فرنجية غالبية بلديات القضاء من أصل 31 بلدية.
يؤكد رعاة التوافق البلدي في أيار الماضي ان زغرتا لا تزال تعيش دينامية هذه الخطوة التي أتت في عزّ الاحتدام الرئاسي، في وقت يشكّل فيه قضاء زغرتا طرفا اساسيا في هذا الصراع كون سليمان فرنجية أحد رموزه. أما «الاستثمار البلدي» في الانتخابات النيابية، فليس مؤكدا، «لكن الابواب مفتوحة في الاتجاهات كافة»، برغم عدم وجود كلام جدّي حول التحالفات الانتخابية حتى الآن.
لكن في قضاء كزغرتا يصبح السؤال معكوسا «من يحتاج لمن؟». فالحضور العوني والكتائبي في زغرتا خجول، و «القوات» لا تستطيع مسيحيا ان تخوض المعركة من دون معوض. ولذلك أي معركة بوجه سليمان فرنجية تستلزم تعاونا بين «القوات» و «حركة الاستقلال» هو غير متاح حتى الان.