IMLebanon

الحلول الإنقاذيّة رهن حكومة فاعلة تتجاوز الإصطفافات

 

 

في موازاة الحركة السياسية التي تنطلق من ساحة النجمة اليوم، والتي تكرّس مرحلةً جديدة على الساحة السياسية الداخلية، يُسجّل في الكواليس الديبلوماسية حراك بدأ منذ أسبوعين، وتحديداً غداة الإعلان الرسمي عن نتائج الإنتخابات النيابية، يهدف إلى متابعة الإستحقاق الثاني المنتظر وهو الإستحقاق الحكومي، والذي تتلاقى القوى المحلية، كما عواصم القرار المعنية، على وجوب إنجازه في الأسابيع القليلة المقبلة، بعد وضع قطار العمل النيابي للمجلس الجديد على السكّة.

 

ومع انقلاب الأدوار على مقاعد المجلس النيابي، وفق ما تشير إليه مصادر ديبلوماسية مطّلعة، فإن النواب الجدد باتوا اليوم أمام مسؤولياتهم السياسية والقانونية والدستورية، لجهة التعاطي مع المعطيات السياسية التي أفرزتها الإنتخابات من جهة، كما لجهة واقع الأزمات الداخلية المتراكمة، وعلى كل المستويات المالية والإقتصادية والإجتماعية من جهة أخرى.

 

وعلى الرغم من أن العنوان الأساسي اليوم الذي يحتل اهتمام المصادر الديبلوماسية، هو الجلسة الأولى للمجلس النيابي، فإن العنوان الحكومي، هو على القدر عينه من الأهمية، كون هذا الإستحقاق يأتي على وقع تفاقم الأزمة المعيشية، وعدم قدرة حكومة تصريف الأعمال على متابعة ومواجهة الأزمة الأخطر في تاريخ لبنان الحديث، وبالتالي، فإن المجتمع الدولي وعواصم القرار المعنية بدعم ومساعدة لبنان على تجاوز هذه الأزمة، يوجّهون يومياً الدعوات إلى جميع الأطراف للعمل على تسريع المسار الحكومي بعد المسار النيابي، لأنّ الوضع المالي لم يعد يحتمل أي تأجيل وأي تسويف.

 

وعليه، فإن هذه المصادر، لا ترى أية إمكانية لإطلاق دينامية عمل سياسية وغير سياسية، من دون تشكيل حكومة جديدة فاعلة، وبصرف النظر عن طبيعتها أو انتماء أعضائها السياسي، ذلك أن المصلحة الوطنية العليا تستدعي توحيد المساعي بين كل الكتل النيابية بعيداً عن الإصطفافات أو التكتلات في إطار الأكثرية والأقلية، بغية تأمين مقوّمات الإستقرار في الدرجة الأولى، لا سيما الإستقرار الأمني، من خلال عدم ترك الوضع الإجتماعي يتفاقم، وبالتالي، حصول تحرّكات في الشارع تهدّد المعادلة «الهشّة» للمجتمع على خلفية الأزمات المالية والصحية والغذائية.

 

ومن أجل أن تتمّ حماية هذه المعادلة، كما تضيف المصادر الديبلوماسية نفسها، سيكون على القوى السياسية التقليدية و»التغييرية»، أن تستكمل المسار الحكومي، من خلال الدفع باتجاه تشكيل حكومة بلا تأخير، لكي تواصل مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي، مع العلم أن المواكبة الدولية للواقع الداخلي مستمرة، وقد برز ذلك في البيانات والمواقف الصادرة عن المؤسّسات الدولية حول الأزمة اللبنانية في الأيام الأخيرة، والتي تعكس الحرص الدولي على الإستقرار، وتلافي الفوضى التي قد تنجم عن الإنهيار المالي في حال عاد سعر صرف الدولار إلى الإرتفاع بشكلً دراماتيكي من جديد.

 

وفي هذا السياق، فإن الصندوق الإنساني المشترك بين باريس والرياض، يؤكد المتابعة الدولية للواقع الإجتماعي، كما تكشف المصادر ذاتها، ولكنه ليس حلاً، بل هو يندرج في إطار الدعم الإنساني للمؤسّسات الإجتماعية والصحية، ولذا، فإن الحلول الإنقاذية تتوقف على الخطة الحكومية للتعافي والإنقاذ، التي أصبحت لدى المجلس النيابي الجديد بعد إقرارها من جانب حكومة تصريف الأعمال في جلستها الأخيرة.