Site icon IMLebanon

أوساط ديبلوماسية : لا ترجمة إيجابية في لبنان لأي اتفاق سعودي ــ إيراني!

كرّس مشهد تأجيل الإنتخابات الرئاسية في ساحة النجمة بالأمس، وللمرّة الثالثة عشرة، مشهد الفراغ في قصر بعبدا، خاصة مع انطلاق أعمال التشريع في المجلس النيابي، ولو بسبب الضرورة، تزامناً مع الشغور الرئاسي الحاصل، وكأن الدولة قادرة على الإستمرار من دون رأس، وبصرف النظر عن كل المواقف الداعية إلى انتخاب رئيس الجمهورية العتيد.

أوساط ديبلوماسية متابعة لهذا الإستحقاق، وجدت أن تكرار مشهد التأجيل، يحمل دلالات أكيدة على خسارة القوى السياسية المحلية فرصة لبننة الإستحقاق الرئاسي، أو بالأحرى تضييع هامش التحرّك الذي كان متاحاً لتحقيق إجماع بين الكتل النيابية على انتخاب رئيس جديد للجمهورية بطريقة ديموقراطية، وبعيداً عن التدخّلات الخارجية. واعتبرت أن الإنتخابات الرئاسية باتت مؤجّلة إلى موعد غير معلوم، بعدما رُبطت بشكل وثيق بالإستحقاقات الإقليمية، كما الملفات الدولية، ولكن من دون أن يعني ذلك أن أي تطوّر إقليمي أو دولي سيؤدي حكماً إلى تسريع إتمام الإستحقاق الرئاسي. ولم تغفل الأوساط الديبلوماسية الإشارة إلى أن لبنان بكل أجندته السياسية وملفاته الأمنية لم يعد أولوية للمجتمع الدولي، كما للقوى الإقليمية، وبالتالي، فإن تأمين مساحة لدراسة واقعه السياسي أمر غير متوافّر في المدى المنظور لدى كل هذه القوى.

وكشفت الأوساط الديبلوماسية نفسها، أن لقاء وزيري الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل والإيراني محمد ظريف في نيويورك منذ أيام، قد تطرّق إلى مجمل أوضاع المنطقة، ولكن لم تشمل المحادثات الملف اللبناني بشكل خاص، الأمر الذي يجعل من التعويل على التقارب السعودي ـ الإيراني كعامل مساعد على تسريع تسوية الإستحقاق الرئاسي، في غير محله. وأوضحت أن من شأن أي مناخ إيجابي بين الرياض وطهران أن ينسحب على أكثر من ساحة في المنطقة سبق وأن تواجه فيها الطرفان، إنما ترقّب ترجمة هذه الإيجابية في لبنان أمر مستبعد، على الأقلّ، في المرحلة الراهنة.

وإزاء هذا الواقع، لاحظت الأوساط الديبلوماسية عينها، أن تداعيات اللقاء السعودي ـ الإيراني ستقتصر في الوقت الراهن على التنسيق حول سبل مواجهة «داعش»، خاصة أن توقيت لقاء الفيصل وظريف في نيويورك قد استبق انطلاقة عمليات التحالف الدولي ضد هذا التنظيم في العراق كما في سوريا على حدّ سواء، وذلك من دون تسجيل أي اعتراضات من قبل الأطراف التي أعلنت معارضتها لاستهداف مواقع «داعش» على الأراضي السورية. وأضافت الأوساط، أن أكثر من مؤشّر قد طبع الإجتماع في نيويورك، والأبرز كان التوقيت إذ أن صفحة جديدة قد بدأت في المنطقة، وسينعكس ذلك على العلاقات السعودية ـ الإيرانية التي تشهد التقاء في المصالح على مكافحة الإرهاب.

ووسط هذا المشهد الإقليمي المشتعل مع بدء الغارات الجوية على مواقد «داعش» في سوريا والعراق، فإن الأوساط الديبلوماسية ذاتها، وجدت أن صوت المعركة هو الأعلى والأقوى، وأن أي بحث سياسي مؤجّل اليوم، وإن كانت المصالح الخاصة للدول المشاركة في التحالف الدولي حاضرة على طاولة عواصم القرار الغربية والإقليمية، حيث تتحدّد الكلفة كما الأثمان التي ستُدفع في هذه المعركة ضد الإرهاب، وفي معارك جارية على ساحات موازية في المنطقة الشرق أوسطية. وخلصت الأوساط الى أن مشهد الفراغ في قصر بعبدا مرشّح للبقاء بضعة أسابيع جديدة، وذلك بانتظار اتفاق القوى السياسية الداخلية على تولّي زمام المبادرة واسترجاع الفرصة التي كانت قد أضاعتها منذ أشهر. وأكدت أنه بما أن هذا الإتفاق مستبعد في الوقت الراهن، فإن الفشل في إجراء الإنتخابات الرئاسية سيتكرّر في كل جلسة عامة ستجري الدعوة إليها.