IMLebanon

المقاومة جذّرت ردعها أمام العدو… وتواصل الجهود الديبلوماسيّة لتخفيف التوتّر 

 

 

في ظلّ ترقّب “الإسرائيلي” تلقّي الردّ أو الردود على عمليتي الاغتيال اللتين نفّذهما في كلّ من الضاحية الجنوبية لبيروت، واستهدفت المستشار العسكري للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله فؤاد شكر، واغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران إسماعيل هنيّة الأسبوع الفائت، أعادت جبهة المقاومة كودرة قادتها،  حيث اختارت حماس مهندس عملية طوفان الأقصى يحيى السنوار ليكون خلفاً لهنيّة، كما عيّن حزب الله خلفاً لشكر ولمسؤولين آخرين (مثل المسؤول عن الصواريخ المضادة للدروع)، استشهدوا في الميدان من دون الإعلان عن ذلك. وهذا يعني مواصلة المقاومة لعملياتها العسكرية في كلّ من قطاع غزّة وجنوب لبنان، ما دام رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ماضيا في حربه ضدّها.

 

مصادر سياسية مطّلعة تحدّثت عن أنّ جهود الرئيس الأميركي جو بايدن للتهدئة قد تؤتي بثمارها في قطاع غزّة كما في جنوب لبنان، سيما أنّ أيا من الدول الكبرى لا يريد الدخول اليوم في حرب شاملة، أو حرب عالمية ثالثة، رغم كلّ التحضيرات العسكرية الجارية في المنطقة، وكلام “إسرائيل” على استعدادها للدخول في قتال مع لبنان يستمر لأيّام. غير أنّ كلمة السيّد نصرالله الأخيرة، التي ألقاها في الحفل التأبيني للشهيد شكر، وضع فيها النقاط على الحروف عندما قال للعدو انّ كلّ ما يملكه من مصانع تكنولوجيا وكهرباء ومواد غذائية في الشمال تُقدّر بـ 130 مليار دولار، يذهب كلّه بساعة واحدة، أو بنصف ساعة. كما حذّر “الإسرائيلي” من حسابات نتنياهو الخاطئة، سيما أنّ كلّ ما كان يحصل على مدى 75 السنة الماضية لم يعد اليوم قائماً، “فعندما تتوقف شركات الطيران في بيروت تتوقّف في “تلّ أبيب” على ما قال، أهل الجنوب يُهجّرون والمستعمرون في شمال فلسطين (270 ألف شخص) يُهجّرون، بيوتنا تُهدم، بيوتهم تُهدم، مصانعنا تُحرق، مصانعهم تُحرق”.

 

وهذا يعني، على ما تشرح المصادر نفسها، أنّ المقاومة قد نجحت في تجذير الردع. فالعدو كان يعتدي ولا يُعتدى عليه، في حين أنّ قوّة الردع التي أحدثتها المقاومة على مدى السنوات الماضية، أو ما يُسمى بـ “توازن الرعب”، لا بدّ وأن تجعله يُعيد حساباته. فإذا كان غير مهتمّ بتراجع الوضع الاقتصادي، وبالخسائر البشرية والمادية والعسكرية التي سيجنيها من توسيع الحرب على لبنان، فليفعل ما يريده رغم الضغوطات الاميركية والعربية عليه، وليتحمّل بنفسه “الأثمان الباهظة جدّاً” التي سيدفعها مقابل فتح هذه الحرب.

 

كذلك، فإنّ ما يُحيّر العدو اليوم الذي يستكمل تهديداته للبنان، هو أنّه لا يمكنه اليوم معرفة ما هو الهدف الذي ستضربه المقاومة، على ما أفادت المعلومات، أهو اغتيال شخصية أم موقع عسكري يتسبّب بإصابة موجعة، أم ضرب قاعدة عسكرية وغير ذلك… ولهذا، يحاول ممارسة الحرب النفسية التي يعيشها المستوطنون على اللبنانيين، من خلال إخافتهم بالطلعات الجوية لطيرانه الحربي، وبإحداث خرق قوي لجدار الصوت في سائر المناطق اللبنانية، على غرار ما قام به على مدى اليومين الماضيين لمرتين متتاليتين. ولكن هذا التصرّف يدلّ على مدى خشيته من الردّ الحتمي الآتي، منفرداً أو جماعياً، على اغتيال كلّ من هنيّة وشكر.

 

كما أشارت المصادر الى أنّ تراكم القدرات لدى جبهة المقاومة، يجعلها اليوم تقاتل بقوّة وشراسة، وتتمكّن من مواجهة العدو، والدليل أنّها صمدت طوال الأشهر العشرة الماضية، رغم أنّها خسرت خيرة قادتها وشبابها، الى جانب الخسائر المادية. وإن كانت صواريخها لا توازي اليوم قوّة الصواريخ التي تزوّد أميركا حليفتها “إسرائيل” بها، فإنّ المقاومين يقومون بإطلاق الصواريخ العادية وكأنّها صواريخ عالية الدقّة، كتلك التي يملكها العدو، كونها تُصيب الأهداف وتُحقّق الإنجازات.

 

في المقابل، رأت المصادر ذاتها أنّه كان على جامعة الدول العربية التحرّك الجدّي بهدف منع توسيع الحرب في المنطقة. فقد كان بإمكانها الدعوة الى عقد اجتماع عاجل أو طارىء، لا سيما بعد أن خرق العدو السيادة اللبنانية من خلال ضرب مدنيين في الضاحية الجنوبية. الأمر الذي سيجعل المجتمع الدولي أيضاً يتوقّف عند هذا الأمر… غير أنّها لم تفعل، نظراً لتطبيع بعضها مع “الإسرائيلي”، رغم أنّ جميع الدول العربية لا تزال تعتبر أنّ القضية الفلسطينية هي أولولية الجامعة، وأنّ التعدّي على سيادة أي دولة من الدول العربية غير مسموح به.

 

رغم ذلك، تحدّثت المعلومات عن تواصل جهود بعض الرؤساء والملوك والأمراء العرب بهدف تخفيف التوتّر، وحثّ جميع الأطراف (لا سيما إيران وغزّة ولبنان واليمن والعراق) على أن يكون ردّها على الردّ مدروساً، ولا يؤدّي الى اندلاع حرب شاملة في المنطقة. في الوقت الذي يتوعّد فيه الإيراني بأنّ ردّه على اغتيال هنية سيكون قاسياً ومدمّراً وتاريخياً. كما يتحدّث “الإسرائيلي” عن أنّ استمرار القتال قد يؤدّي الى حرب حقيقية في المنطقة، وسوف يتمّ خلال دفعها أثمانا باهظة، في محاولة لإخافة جبهة المقاومة.