IMLebanon

محاولة لـ”تلبيس” بري وميقاتي التشكيلات

 

تشهد وزارة الخارجية والسلك الديبلوماسي تحديداً، تضعضعاً وتململاً وضرباً للمعنويات، جرّاء ما يُتداول ويُسرّب عن التشكيلات الديبلوماسية، خصوصاً أنّ المطّلعين عليها تبيّن لهم أنّها تُشكّل بجزءٍ منها، أي الذي يُطاول المراكز المخصصة للمسيحيين، «فضيحة مدوية»، إذ إنّها استنسابية وهدفها محاصصة زبائنية فاقعة على حساب الكفاءة والخبرة والتراتبية خصوصاً، فيما تؤكد أكثر من جهة سياسية وديبلوماسية معنية أنّ المحرّك الأساس لهذه التشكيلات هو رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، عبر وسيط «زَرَعه» في «الخارجية» بحيث يحضر من دون أي صفة إدارية اجتماعات البحث في هذه التشكيلات.

الخطة التي تُنسج للتشكيلات الديبلوماسية ليست تقليدية، بحسب مطّلعين، بل هناك محاولة لاسترضاء كلّ من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي لإمرارها، وذلك عبر نقل ابنة بري السفيرة فرح بري من قطر الى لندن وتشكيل آخرين من السفراء الشيعة، وتبديل مركزي واشنطن ونيويورك بين الموارنة والشيعة بحيث يُعيّن سفير سنّي يختاره ميقاتي في واشنطن. لكن بحسب ما يُسرّب عن التشكيلات، فإنّ الجزء منها الذي يطاول السفراء الشيعة والسنة، والمناقلات التي قد تجري بموافقة بري وميقاتي، تراعي القواعد ولا تخالف لا التراتبية ولا الأعراف، فجميع هؤلاء السفراء الذين يُطرح تشكيلهم ونقلهم الى مراكز في الخارج، يستحقون ذلك وتنطبق عليهم المعايير لجهة فئتهم ورتبتهم وكفاءتهم والمدة التي قضوها في مراكزهم، أمّا «الفضيحة الموصوفة» بحسب معنيين، فتجري في المراكز المسيحية في مخالفة كبيرة للقانون والاعراف علماً أنّه لا حاجة الى إجرائها، وهي لغاية «مكافأة المستزلمين والانتقام السياسي»، وكلّ ذلك على حساب الأقدمية والتراتبية والكفاءة، ما يؤدّي الى ضرب معنويات السلك الديبلوماسي بالصميم.

 

ومن هذه المخالفات التي يُحكى عنها:

– تعيين هادي هاشم سفيراً في نيويورك، وهو المدير السابق لمكتب باسيل، إذ إنّ هذا التعيين، إذا حصل، يتجاوز أكثر من 20 ديبلوماسيا أعلى رتبة من هاشم.

– مناقلات في البعثات في الخارج غير مبرّرة ومكلفة مالياً، بحيث يجري بدل سفيرين بين دولتين على سبيل المثال، أو نقل سفير من عاصمة الى أخرى فيما أنّ هذا السفير يتمّم بعد بضعة أشهر المدة المحددة لبقائه في الخارج أي 10 سنوات، وفي هذا الإطار يجري استهداف سفراء محسوبين على أحزاب معارضة.

– تعيين سفراء من خارج الملاك، على رغم التصريح بالعكس، من دون أي حاجة أو مبرّر.

– إستهداف سفير أو سفراء محددين من خارج الملاك ونقلهم من دون غيرهم.

– مخالفة جوهرية بالأعراف والتقاليد، إذ لا تحصل التشكيلات في نهاية أي عهد بل في بدايته.

 

الى ذلك، هناك موضوع حيوي وأساس في هذه التشكيلات، وهو الكلفة المالية، فهذه المناقلات «حَقّها مصاري»، فيما أنّ الدولة تقول إنّها مفلسة ووزارة «الخارجية» تقول إنّ لا امكانات لديها لإجراء الانتخابات في الخارج و»تَشحد» من أي جهة لهذا الأمر، ودفع الرواتب يتأخّر… وبالتالي في ظلّ مشكلة مالية في الدولة والوزارة يُطرح مشروع تشكيلات كاملة في وقتٍ لا حاجة إليها ولا أموال، بحسب مطّلعين.

 

وما يعزّر فرضية أنّ هناك فريقاً يريد هذه التشكيلات التي يفصّلها على مقاسه للاستفادة منها انتخابياً وقبل انتهاء العهد، أنّ هناك حلّاً موجوداً للمشكلة التي يُتحجّج بها لإجراء التشكيلات، بحسب معنيين، إذ هناك نحو 10 ديبلوماسيين يشغلون مراكز في الإدارة في الوزارة الآن، ومن حقهم أن يُنقلوا الى الخارج، إن لجهة المدة التي قضوها في لبنان أو لجهة أنّهم مغبونون بحيث يقبضون رواتبهم بالليرة، إنّما يُمكن حلّ هذه المشكلة من دون إجراء تشكيلات شاملة ومخالفة، إذ مقابل نحو 10 ديبلوماسيين يريدون تشكيلهم الى الخارج هناك نحو 25 مركزا شاغرا في 11 سفارة وبعثة من كلّ الطوائف، وبالتالي لا مشكلة لجهة العدد، وهذا حلّ بلا كلفة ولا مخالفات، ويُمكن إرسال ديبلوماسيين الى الخارج بـ»أمر مهمة» وهو إجراء معتمد في الوزارة منذ زمن، ولا يتطلّب قرارا من مجلس وزراء، خصوصاً أنّ هناك عدداً من السفراء بـ»أمر مهمة» الآن، مثل السفراء لدى قطر والكويت.

 

إنطلاقاً من ذلك، يرى مطّلعون أنّ هناك محاولة الآن لأخذ موافقة بري وميقاتي على التشكيلات المتعلّقة بالسفراء السنة والشيعة، بحيث أنّ ما يطلبانه لا يشكّل مخالفات ولا استنسابية ولا استهداف، فيما يجري إمرار «الفضيحة» مسيحياً، وبعدها «تُلبّس» الصفقة كالعادة لبري وميقاتي فيجري التنصّل منها والادعاء بأنّ رئيسي مجلس النواب والحكومة أراداها على هذا الشكل.

 

هذه التشكيلات الديبلوماسية طُرحت منذ تشكيل حكومة ميقاتي، وعاد الدفع الى إمرارها الآن لاستثمارها انتخابياً، إذ بحسب جهات سياسية مطّلعة عليها، هناك محاولة لاسترضاء ديبلوماسيين وسفراء مسيحيين من مناطق معينة بغية الاستفادة من أصوات عائلاتهم وأقربائهم انتخابياً. وإذ طُرحت على مرجعيات تشكيلة رُفضت، تؤكد جهات سياسية أنّ التشكيلات لا يُمكن أن تُطرح على مجلس الوزراء قبل موافقة الأفرقاء. وتقول جهات معنية: «ليست المشكلة في إجراء تشكيلات، بل أن تكون عادلة وبلا استنسابية، أمّا السؤال فهو ممن يعيّن ومن يشكّل، وإذا بقيت في أروقة الخارجية فيُمكن أن تمرّ، أمّا أن يشكّلها فريق فأحد لن يسير بها».

 

على ضفة عين التينة، يُحكى عن أنّ بو حبيب طرح التشكيلات على بري الذي وافق عليها، الّا أنّه بحسب معلومات موثوقة، لا موافقة مسبقة من بري بل إنّه بعد الانتهاء من الصيغة النهائية للتشكيلات والاطلاع عليها «مِنشوف». وفيما لا مانع لدى بري بإجراء التشكيلات من حيث المبدأ، لكن يجب بالنسبة إليه أن تكون عادلة وألّا يشوبها مخالفات وترقية ديبلوماسي على حساب آخر أو تقديم سفير على آخر.

 

لكن الى المشكلات والعرقلات السياسية والإدارية المتعلّقة بالتشكيلات الديبلوماسية، إضافةً الى أنّه عرفاً لا يجري إجراء هذه التشكيلات في نهاية العهد خصوصاً أنّ الولاية الرئاسية تنتهي بعد بضعة أشهر، إلّا أنّ جهات سياسية ترى أن لا تشكيلات ولا تعيينات قبل الانتخابات النيابية، وقد تمرّ تشكيلات ديبلوماسية في حال خرجت من الإدارة وفق المعايير وليس أن يخيّطها وسيط «مودع» في الوزارة. وكان لافتاً أنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قد أعلن، بعد زيارته رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط أمس الأول، أنّه «في الوقت الحاضر لا تعيينات». واكتفى رداً على سؤال عمّا إذا كانت التعيينات ستنتقل الى العهد المقبل، بالإجابة:

«لا تعيينات في جلسة الحكومة الاربعاء المقبل (اليوم)».