هل الاقتراح الذي قدمه الوفد الفلسطيني الى مجلس الأمن والداعي الى انهاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية في غضون سنتين يمكن ان يكون بداية تحرك دولي حاسم ضد هذا الاحتلال؟ ام انه مجرد معركة ديبلوماسية خاسرة يخوضها الفلسطينيون؟
لا يمكن تجاهل التبدل في المواقف الأوروبية الاخيرة من القضية الفلسطينية، سواء من خلال تصويت عدد من البرلمانات الأوروبية على الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على رغم انعدام الصفة الالزامية لهذا التصويت، أم من خلال تبني الفرنسيين الاقتراح الفلسطيني الاخير ومحاولتهم ادخال تعديلات عليه تجعله اكثر قبولا، ام من خلال قرار محكمة الاتحاد الأوروبي شطب “حماس” من لائحة التنظيمات الارهابيةـ، الامر الذي سيشجع الأوروبيين على زيادة جهودهم لاعادة اعمار غزة المدمرة.
كما لا يمكن الاستخفاف بالتبدل الضئيل في الموقف الأميركي التقليدي لاستخدام الفيتو ضد اي تحرك فلسطيني أحادي الجانب في الأمم المتحدة، فللمرة الاولى تناقش الإدارة الأميركية الاقتراح وتطلب ادخال تعديلات عليها، وتحاول استخدامه من اجل تحريك المفاوضات السياسية من جديد بين الفلسطينيين وإسرائيل.
ولكن على رغم هذه الاجواء الدولية المشجعة والداعمة نظرياً للدولة الفسلطينية، فمن الصعب رؤية مجلس الأمن يتخذ قراراً بانهاء الاحتلال الإسرائيلي بعد سنتين من اليوم اذا لم تحسم الولايات المتحدة موقفها في هذا الشأن وتمارس ضغوطاً فعلية على إسرائيل، واذا لم تتبدل الزعامة السياسية التي تحكم إسرائيل حالياً والتي يسيطر عليها اليمين القومي المتشدد سيطرة كاملة.
ولا شيء يشير حتى الآن الى مثل هذه الاحتمالات. فعلى رغم تاريخ العلاقة السيئة بين إدارة أوباما وحكومة نتنياهو فإن هذا لا يصل الى حد الاخلال بالالتزام الأميركي للمصالح الاستراتيجية لإسرائيل والذهاب الى حد فرض حل للنزاع مع الفلسطينيين عبر مجلس الأمن ترفضه إسرائيل جملة وتفصيلاً.
منذ زمن طويل لم يعد في إسرائيل وجود لمعسكر السلام، ومن يقف اليوم في وجه المعسكر اليميني المتشدد هو احزاب الوسط التي تختلف مواقفها عن اليمين في المسائل الاقتصادية والاجتماعية وفي ما يتعلق بمسألة الهوية اليهودية للدولة وحقوق الاقليات، لكنها تتفق مع اليمين في الموقف من التسوية مع الفلسطينيين.
واليوم على عتبة انتخابات مصيرية يخوضها اليمين تحت شعار التهويل على الإسرائيليين بخطر الارهاب الجهادي والفلسطيني ومن طريق تضخيم صورة إسرائيل واحة الاستقرار والديموقراطية وسط بحر هائج من الاضطرابات والصراعات العربية الدموية، ومع الميل البارز للجمهور الإسرائيلي الى معسكر اليمين، من الصعب توقع أن تؤدي الانتخابات المقبلة الى تبدل جوهري.
يبقى لنا ان نامل في ان تعمل الزعامة الفلسطينية على عدم تحويل اقتراح انهاء الاحتلال معركة ديبلوماسية خاسرة.