Site icon IMLebanon

الرسائل الدبلوماسيّة : بين التوافق عبر الحوار أو الفوضى

ما حملته الرسائل الدولية إلى لبنان من خلال زيارة كبار بعض المسؤولين الغربيين وبجسب أوساط سياسية وسطية بارزة، تبعث القلق والخوف على مصير لبنان وأمنه واستقراره وسلمه الأهلي خصوصا ان بعض الرسائل قد أكدت أنه على لبنان واللبنانيين الخيار ما بين التوافق في أقرب وقت ممكن على انتخاب رئيس من خلال آلية الحوار التي دعا إليها رئيس المجلس النيابي وما بين القفز في المجهول القاتم.الأمر الذي يذكر اللبنانيين بالعبارة الشهيرة «مخايل الضاهر أو الفوضى» التي أطلقها منذ حوال 26 عاما المساعد الأسبق لوزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ريتشارد مورفي. فاليوم وبناء على سمعه بعض المسؤولين الكبار في لبنان ، ويومها رفض اللبنانيون المغلوب على أمرهم تحت وطأة حروب الآخرين على أرضهم خيار انتخاب مخايل الضاهر كرئيس جديد للجمهورية متوافق عليه من قبل اللاعبين الدوليين والإقليميين الأساسيين على الساحة اللبنانية، فوقعت الفوضى التي حملت معها الحروب والمآسي والخراب والدمار التي أصابت بويلاتها آنذاك كل لبنان بمختلف مناطقه وأطيافه وانتماءات مكوناته الإجتماعية والمناطقية.

واشارت الاوساط الى أن الأمور باتت واضحة لناحية أن هناك حراكاً شبابياً مدنياً عفوياً يجب دعمه واحتضانه لكون منطلقات هذا الحراك قد أتت بخلفية تحمل المسؤولية الوطنية والأخلاقية والإنسانية في مواجهة الاوضاع الصعبة والمزرية التي وصلت إليها البلاد والعباد بسبب أزمات النفايات والكهرباء والمياه والفساد ومرورا بحالة التعطيل الحكومية وإقفال ابواب المجلس النيابي ووصولا إلى عرقلة انجاز الاستحقاق الرئاسي الذي يبقى المفتاح الأساس لعودة الإنتظام إلى عمل المؤسسات الدستورية والعبور إلى معالجة سائر الملفات الأساسية كإقرار قانون انتخابات جديد وعصري وإجراء الإنتخابات النيابية على اساسه.لكن في المقابل هناك حراك ممول ومسيّر عن بعد ويسخر له مواكبة وتغطية اعلامية غير مسبوقة وغير موضوعية وغير مبررة وذلك لأهداف لا تزال غامضة ويطرح حولها علامات استفهام كبيرة خصوصا أن العديد من المحطات الإعلامية في لبنان هي في حقيقة الأمر ممولة وتابعة في أغلب الأحيان لجهات خارجية معروفة خلفياتها وتوجهاتها السياسية في لبنان وكل المنطقة العربية.

وتتابع الاوساط وللأسف الشديد هذا الحراك الثاني المسيّر عن بُعد يخرق الحراك الأول ويشوه مسيرته وأحقية مطالبه من خلال ممارسات وسلوكيات سلبية وتعطيلية وتهجمية على كل شيء في البلاد وكأن المقصود من كل ذلك تعميم حالة العدم والشلل والفوضى العارمة لخراب البصرة فوق رؤوس الجميع وهذا امر لا يفيد أحداً من اللبنانيين بمختلف مكوناتهم ومشاربهم بل يخدم فقط أعداء لبنان المتربصين شرا وعدوانا بهذا البلد وكل المنطقة العربية والساعين من وراء مخططات الفوضى الخلاقة إلى تقسيم وتفتيت ما تبقى من كيانات عربية.ولعل مشهد الاعتداء على الإعلاميين والصحافيين لمجرد طرح سؤال، بالإضافة إلى رمي النفايات في الشوارع والاعتداء على الأملاك العامة والخاصة وشن الحملات غير المنطقية على القضاء والقوى الأمنية، ليس إلا دليلا ساطعا على ما يقوم به الحراك الثاني من ممارسات لا تمت بصلة لا إلى قواعد وأخلاقيات المجتمع المدني ولا إلى قيم ومبادئ الديمقراطية والحرية واحترام حقوق الإنسان. بحيث أن هذه الممارسات الهدامة التي لم تعد مجرد أخطاء عابرة بل مبرمجة وموجهة ومخطط لها بدم بارد، باتت تشكل خطرا داهما على الحراك المدني نفسه وعلى النظام العام والأمن والاستقرار والسلم الأهلي في لبنان ما يستدعي تحركا من قبل المسؤولين الحقيقيين في الحراك المدني الشبابي ليعيدوا إلى هذا الحراك رونقه العفوي وشفافيته ونزاهته وسلميته وذلك لقطع الطريق أمام لعبة الأمم التي دخلت على خط هذا الحراك لتنفيذ اجنداتها الخاصة المشبوهة التي تهدد بأخذ لبنان عن سابق تصور وتصميم وتخطيط نحو منزلقات الفوضى والفتنة والحرب الأهلية بكل موبقاتها التدميرية خلف شعارات والإنتفاضة والحراك الشبابي لمحاربة الفساد التي يمكن أن تكون حصان طروادة لأخذ البلاد نحو مهالك المجهول القاتم.

ورأت الأوساط عينها أن هناك من يريد تخريب البلاد وجرها نحو الفوضى العارمة خلف عناوين الإنتفاضة الشعبية ومحاربة الفساد، وهذا الأمر يصب في خانة ضرب الحراك المدني وتبديد الزخم والإحتضان الشعبي الذي نجح هذا الحراك في تحقيقه في 29 آب، ما يعني ان هناك من يعمل من خلال تعمد تراكم التجاوزات التي ترتكب خلف مظلة الحراك المدني إلى جر هذا الحراك إلى منزلقات لا علاقة لها لا بمحاربة الفساد ولا بإصلاح وانتظام عمل الدولة اللبنانية ومؤسساتها بل هي فقط مرتبطة في تسويق الأفكار السلبية والتعطيلية لكل شيء من أجل ارساء ثقافة الفراغ والفوضى في مرحلة صعبة ودقيقة يمر بها لبنان ومحيطه وجواره حيث لهب البراكين المشتعلة تكاد تصل حممها المتفجرة إلى قلب الساحة اللبنانية.

وشددت الاوساط على انه يجب على الحراك أن يستعجل بتنقية ذاته قبل فوات الأوان خصوصا أن ماكينة اسقاط سمة العفوية والإنفعال عن هذا الحراك لا تزال تعمل بكل قوتها طاقاتها، فتلك الماكينة وبعد أن أخذت الحراك نحو الإعتصام الفاشل في وزارة البيئة والذي كان محط استهجان ورفض من شرائح واسعة من الناس، ها هي تلك الماكينة نفسها تجر الحراك مجددا إلى رفض كل الحلول وترسيخ سلوك رمي النفايات في الساحات واقفال الطرق على النحو الذي يخسر فيه الحراك المدني الكثير من داعمية خصوصا أن الأسلوب المعتمد من قبل هؤلاء قد زاد من سخط وغضب المواطنين على هذا الحراك الذي يخبط خبط عشواء من دون أي خطة أو ورؤية تدل على قدرته في تحقيق التغيير المنشود بعد أن بات يغلب عليه مشهد أن بعض المتسلطين في داخله يعملون لخدمة أطراف سياسية في ظل الصراع المحلي المحتدم في البلاد والمرتبط بصراعات المنطقة وتطوراتها ، كما أن هؤلاء المتسلطين الذين يشوهون التحرك وينزعون عنة سمة الحراك المدني قد وضعوا أنفسهم في خانة أنهم أصبحوا جزءاً لا يتجزأ من الازمات التي يعاني منها الناس الذين يطالبون بحلول علمية ومنطقية وموضوعية وقانونية لها، لا إطلاق الشعارات التعطيلية والتحركات التخريبية والإنقلابية التي من شأنها أن تفاقم من حدة هذه الأزمات التي ترخي بعواقبها الوخيمة على الأوضاع السياسية والأمنية والمعيشية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والبيئية لجميع الناس في لبنان من دون أي استثناء.