IMLebanon

مصادر ديبلوماسية: لا امكانية للمعارك مع حزب الله لانها انتحار

يحفل الاسبوعان القادمان بالإستحقاقات السياسية والدستورية الكبرى، من اجتماع هيئة حوار «الطرشان» في عين التينة العالق عند عنق زجاجة الميثاقية الى جلسة حكومة «بمن حضر» معلقة على خشبة التعيينات العسكرية الداهمة، وبينهما رئاسية «اللانصاب» الـ «44» المنتظرة على رصيف التسويات الاقليمية، التي يُرَاهن عليها لفرز الخيط الابيض من الاسود في عدد من الملفات والازمات، رغم سوداوية مشهد اجهاض المبادرات الواحدة تلو الاخرى في مهدها.

واذا كانت المبادرات الداخلية العقيمة قد اثبتت فشل القادة اللبنانيين في الاستفادة من لبننة الاستحقاقات، رغم التركيز الدولي والتشديد على ضرورة قيام اللبنانيين بواجباتهم وتحمل مسؤولياتهم بدل رمي فشلهم على الخارج، بحسب ما يردد الزوار الاجانب وآخرهم المساعد السياسي لوزير الخارجية الاميركية، الذي شدد على موقع لبنان الثابت في الاجندة الاميركية،  فان الملف اللبناني غاب في المقابل عن كلمة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند خلال مشاركته في أعمال «أسبوع الدبلوماسية الفرنسية»، من بوابة مساعي باريس الحثيثة طوال الاشهر الماضية لمحاولة إخراج لبنان من مأزقه السياسي عموما والرئاسي خصوصا، حيث جال دبلوماسيوها بين طهران والرياض وبيروت محاولين تذليل العقبات ، في مؤشر الى تراجع الاهتمام الفرنسي بهذا البلد بعد أن بلغت الجهود الفرنسية حائطا مسدودا وبعد ان لمس المسؤولون الفرنسيون الذين زاروا لبنان وآخرهم وزير الخارجية جان مارك ايرولت مدى استسلام القيادات اللبنانية للامر الواقع، واصرار جهات لبنانية على ربطه بالتطورات الاقليمية عموما والسورية خصوصا، خدمة لمصالح خارجية.

وفي السياق، تكشف مصادر دبلوماسية غربية عن «عتب» و «انتقاد» فرنسي للامبالاة اللبنانية تجاه الازمة الرئاسية، اذ يبدي الوزير ايرلوت امام زواره دهشته من استسلام القادة اللبنانيين وعدم مبادرتهم لمساعدة أنفسهم بدل انتظار الحلول من الخارج المشغول بأزمات كثيرة، «فاذا كانت لكل دولة اولوياتها، فعلى اللبنانيين ان يضعوا ملء الشغور الرئاسي على رأس سلم أولوياتهم والعمل بأنفسهم وبمبادرات محلية لانجاز الاستحقاق الرئاسي، الا ان ذلك لم يحصل».

واقع، بحسب المصادر، دفع بالدوائر الفرنسية المعنية الى النظر بايجابية لمبادرة رئيس مجلس النواب ، نتيجة قناعة بدأت تتبلور في «الكي دورسيه» تقول بالتزامن بين رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب، حيث يرى المسؤولون في باريس ان حل الازمة الرئاسية لن يكون ممكنا بمعزل عن قانون الانتخاب ويعتبرون ان الربط بينهما قد يشكل مدخلا لحل الازمة السياسية اللبنانية. من هنا كانت محاولة بري «نفض الغبار» عن «سلته»، متكئا الى تغير مزاج فرنسي وصلت اصداؤه الى بيروت ،  كما كان متوقعا، باستثناء وضعه معادلة «الشارع مقابل الشارع» لتحذير من يلوحون بتحريك قواعدهم الشعبية احتجاجا على الاداء الحكومي من أن كل طرف قادر على اللجوء الى هذه الورقة وبالتالي فان الرهان عليها لتسجيل أهداف سياسية سيكون خاسرا.

وتنقل المصادر عن جهات ديبلوماسية غربية أن الوضع الإقليمي بعد دخول تركيا الى جرابلس زاد تعقيداً، صحيح أن هذه الخطوة جاءت بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الى روسيا ما أوحى أنها منسّقة بين الجانبين، إلا أن موسكو لم تكن إطلاقاً على علم بالموضوع ولم تعطِ أي ضوء أخضر لتخطي الحدود السورية. وبالتالي فإن اللعبة التركية للخربطة وليست من أجل المساهمة في الحلّ ما يدلّ على أن المنطقة ما زالت مفتوحة على كل الإحتمالات، مدرجة في هذا السياق الكلام الذي أدلى به وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية توماس شانون الذي اكتفى بالدعم اللفظي للبنان، وبالتالي الموقف الأميركي يأتي في خانة سياسية عامة وما من سياسة خاصة للبنان ممكن أن تحدث خرقاً ما أو تحرّك المياه الراكدة.

وتشدد المصادر على أن التوازن القائم على علاّته أفضل من الإنهيار، الأمر الذي ربما لا تدركه القيادات اللبنانية، أقلّه في الوقت الراهن حيث لا إمكانية للمعارك مع «حزب الله»، وإذا حصلت فإنها ستؤدي حتماً الى الإنتحار، في ظل استمرار الكباش الرئاسي الى حين اتضاح مسار التسوية في المنطقة او الى حين اقتناع المرشحين بأن حظوظهم استنفدت وبأن لا مخرج الا باللجوء الى شخصية حيادية توافقية، وهو ما أكده وزير الخارجية المصرية سامح شكري خلال زيارته الاخيرة للبنان، من جهة، ووصول الإنقسام الى داخل الأحزاب أو ما بين الحلفاء، من جهة اخرى.

إزاء هذه الصورة التي تحتاج الى ضغط خارجي من أجل جمعها، يبدو أن الراعي الإقليمي غير موجود أو أقلّه لا يبالي بما يجري في لبنان على حد قول المصادر الديبلوماسية وأمام هذه الخريطة الداخلية، الصورة ايضا قاتمة بالنسبة الى إمكانية الوصول الى توافق سعودي – أميركي -روسي – ايراني على حلّ للمنطقة يكون لبنان من ضمنه، كرّرت المصادر التأكيد ان «حزب الله» هو الطرف الوحيد الذي يدرك ما الذي يريده وهو استمرار الوضع الراهن طالما ملامح المرحلة المقبلة ما زالت غير واضحة. حيث الفراغ الرئاسي مع حكومة ضعيفة مشلولة أفضل بكثير من حكم فاعل وقادر.

حوار الاثنين سيوضح معالم ما يليه من الايام وخصوصا ان جلسة لمجلس الوزراء تعقد الخميس على وقع ازمة حكومية لم تتضح معالم انفراجها بعد، هل يعود اليها وزراء التيار الوطني الحر والطاشناق؟ وكيف ستعالج الامور بعد حرب الميثاقية التي اندلعت بعد الجلسة الاخيرة؟