Site icon IMLebanon

دبلوماسية الطاولات من زوريخ إلى عين التينة  

إنها دبلوماسية الطاولات، من موسكو إلى عين التينة مروراً بالقاهرة والرياض وزوريخ ودافوس وصولاً إلى الرابية. الجامع المشترك بين كلِّ هذه الطاولات هو الحاجة إلى دبلوماسية هي أكثر من هدنة وأقل من إتفاق، كما أنَّها دبلوماسية الحاجة بمعنى أنَّ الجميع يحتاجون إليها لإلتقاط أنفاسهم. وأكثر من ذلك، تبدو هذه الطاولات محاولة لملء الوقت الضائع إلى حين نضوج الحلول والإتفاقات والتسويات.

***

في القاهرة طاولة حوار للمعارضة السورية في الداخل والخارج، في محاولةٍ لتوحيد الرؤية وللإتفاق على ورقة عمل موحدة، تحضيراً لمؤتمر وطني عام في نيسان المقبل.

وفي موسكو طاولة حوار سورية أيضاً، ولكن بين النظام والمعارضة، وهي تتمُّ برعايةٍ روسيةٍ مباشرة.

***

وبين واشنطن وطهران طاولة حوار وهي تتنقَّل بين جنيف ودافوس وزوريخ، وأحدثها في دافوس بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، على هامش المنتدى الإقتصادي العالمي. بالتزامن مع هذا اللقاء، وتتمة له، عُقِدَت طاولة حوار في زوريخ بين واشنطن وطهران على مستوى مساعدَيْ وزيري الخارجية، وتهدف هاتين الطاولتين إلى الدفع في اتجاه الإتفاق الأولي على الملف النووي الإيراني، تمهيداً للإتفاق النهائي المفترض في حزيران أو تموز المقبلين.

***

وكما في الخارج، كذلك في الداخل اللبناني، يبدو أنَّ الجميع في حاجة إلى دبلوماسية الطاولات:

فالحوار بين تيار المستقبل وحزب الله بلغ جولته الرابعة وتم تحديد جولة خامسة مطلع الأسبوع المقبل، ويشارك فيه ممثِّلاً الرئيس نبيه بري، وزيرُ المال علي حسن خليل على رغم كل مشاغله وانهماكاته، خصوصاً أنَّه في خضمِّ ورشةٍ إصلاحية في وزارة المال وفي الإدارات التابعة لها.

حوار المستقبل – حزب الله نجح في تنفيس الإحتقان بين قواعد الطرفين وأسهم في ترييح الارض، على رغم أنَّ الوقائع والمعطيات لم تتبدّل كثيراً لجهة صراعات المنطقة.

***

وهناك طاولة الحوار بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، وقد حققت هذه الطاولة بعض الخطوات التي لا بأس بها من الهدنة الإعلامية بين الفريقين وأدّت إلى إسقاط الدعاوى القضائية بينهما، وهي بالمئات، وصولاً إلى إعداد ورقة عمل مشتركة يتمُّ التفاهم عليها وتكون قاعدة اللقاء بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع.

***

إنها دبلوماسية الطاولات التي تفتِّش عن معالجات في غياب الإتفاقات.

أما الطاولة الأهم فهي تلك التي عُقِدَت أمس في الرياض بين الرئيس الأميركي باراك أوباما وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. صحيح أنَّ توقيت الطاولة ارتبط بالحدث الجلل المتمثل في وفاة الملك عبدالله وفي تقديم العزاء للمملكة، لكنه مناسبة لبحث التغيُّرات المتسارعة في المنطقة والعالم، بدءاً من الأزمة اليمنية وصولاً إلى أسعار البترول.

***

إنَّه عالم طاولات الحوار من دون نضوج أيٍّ منها، ولأنَّ الأمر كذلك، فإنَّ لبنان سيبقى على قارعة الإنتظار حاملاً ملفاته، المفتوحة دائماً، والتي تنتظر مَن يقفلها على حلول وليس على زَغَل.