يحاول بعض أقطاب السلطة الحاكمة اللعب في المحظور عبر توتير الأجواء من أجل شلّ المؤسسات والوصول إلى الفوضى وتأجيل الإنتخابات حكماً.
ويأتي هذا المخطط في إطار محاولة الأحزاب والتيارات والقوى القابضة على السلطة الحفاظ على وضعيتها الحالية، لأنها تعلم جيداً أن أي استحقاق انتخابي سيؤدّي إلى تراجع كبير في حضورها ودورها وتقليص قبضتها على السلطة.
وتكشف معلومات أن عدداً من السفراء الغربيين أبلغوا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي والمسؤولين الكبار، بأن أي محاولة لضرب الاستحقاق الانتخابي ستترتّب عليه نتائج وخيمة على البلاد، ولن تكون العقوبات إلا حاضرة على القوى المعرقلة. ويواصل الأوروبيون ضغطهم الكبير من أجل عدم تطيير هذا الاستحقاق، في حين أن الأميركي أيضاً متحمّس للانتخابات، وبالتالي فإن العوامل الخارجية تتجمّع ضدّ القوى التي تريد تعطيل مفعول تصويت اللبنانيين.
وفهم القيمون على السلطة مخاطر ضرب الاستحقاق، ويحاولون إرسال رسائل تطمينية إلى الدول الفاعلة بأن موعد الانتخابات باقٍ، وأنها ستحصل مهما كانت الظروف صعبة. وتبرز هذه التطمينات في كلام رئيس الجمهورية خلال استقباله وفوداً غربية وأممية، كذلك في تأكيدات الرئيس ميقاتي بأنه لن يستقيل لكي لا يُعرّض الاستحقاق الانتخابي للخطر.
ويواصل وزير الداخلية والبلديات بسّام مولوي عمله من أجل إتمام الإنتخابات في موعدها، ولا يقتصر كلام سفراء الدول على التمنيات، بل إن هناك مراقبة جديّة للخطوات التي تُتّخذ من أجل احترام موعد الانتخابات وعدم تأجيلها والسعي إلى التمديد للمجلس النيابي الحالي.
ولا تأتي مواقف الدول الفاعلة من عبث، بل إن تأجيل الإنتخابات سيدفعها إلى أخذ مواقف متشدّدة، تبدأ بالعقوبات على الطبقة السياسية وتصل إلى حدّ المقاطعة واعتبار لبنان دولة “مارقة”، ولا تحترم الإستحقاقات الدستورية وتضرب الديموقراطية التي كانت تعتبر فريدة في منطقة الشرق الاوسط.
وإذا كان إصرار البعض أو عملهم على تطيير الانتخابات يُكسبهم بعض الوقت للاستمرار على كرسي الحكم، إلا أنّ الدول الفاعلة تُحذّر من أن التطيير سيجرّ الويلات على البلد، ليس فقط بسبب العقوبات المنتظرة وقتها، بل بسبب تصاعد موجة الغضب الشعبي والرفض الكلّي للتأجيل، ما يفتح باب الفوضى على مصراعيه ويؤدي إلى الإنتفاضة على السلطة الحاكمة ومحاولة “قبعها” بالقوّة، بعدما كان الرهان على إسقاطها من خلال صناديق الإقتراع، وحينها تنتقل اللعبة إلى الشارع.
حتى الساعة، يبدو أن لا إمكانية للحكّام على ضرب الاستحقاق الانتخابي، لذلك فإن منسوب الخطر يرتفع مع اقتراب موعدها، خصوصاً وأن المؤشرات تأتي سلبية بالنسبة إلى أحزاب وقوى السلطة، ويُثير تسجيل أكثر من 150 ألف لبناني مغترب للاقتراع ريبة السلطة، فهؤلاء تركوا البلد بمعظمهم بفعل ممارسة من يجلس اليوم على الكرسي، لذلك فإن أغلبيتهم الساحقة لن تصوّت لهم، بل سيصوّتون مع قوى التغيير ويطيحون الحكام الذين أوصلوا الشعب للجوع والهجرة.