حتى هذه اللحظة لا يزال التريث هو سيد الموقف قبل اعلان الرئيس سعد الحريري رسميا تبني ترشيح زعيم تيار المردة الوزير سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية والذي سيليه تباعا تأييد من قبل الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط وكتلته وشريحة واسعة من الأحزاب والتيارات والمستقلين ضمن فريقي 14 و8 آذار والذي ستليه بحسب مصادر سياسية واسعة الاطلاع دعوة فورية من قبل الرئيس بري لعقد جلسة انتخاب رئاسية مؤمنة نصابها الدستوري ومضمون فيها أيضا فوز الوزير سليمان فرنجية بأكثرية وازنة كرئيس جديد للجمهورية اللبنانية ليدخل البلد بعدها مرحلة جديدة عنوانها اعادة الانتظام إلى عمل المؤسسات الدستورية ووضع البلاد على سكة تعزيز أمنه واستقراره السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي والمعيشي بعد أن وصل إلى شفير الهاوية والانهيار بسبب تمادي حالة الفراغ التي بات هناك اجماع دولي واقليمي على انهائها خلال قبل نهاية العام الحالي وذلك من خلال التسوية الشاملة التي ستفضي إلى وصول الوزير سليمان فرنجية إلى قصر بعبدا.
وشددت على أن وجود التريث لا يعني أبدا أن هناك تراجعاً قيد أنملة على السير بالتسوية المطروحة من قبل جميع الأطراف المحلية والإقليمية والدولية الداعمة بقوة لاتمام هذه التسوية وتنفيذها خلال الاسبوعين المقبلين كحد أقصى، بل أن الغاية الأساسية من هذا التريث القائم هو اعطاء الفرصة الكافية والضرورية لإقناع كل من الدكتور سمير جعجع والعماد ميشال عون بضرورة السير بهذه التسوية التي تحظى بدعم اقليمي ودولي واسع، وبأن هذه التسوية تصب في مصلحة البلاد التي لم تعد تحتمل استمرار حالة الفراغ بسبب الشغور الرئاسي الذي ينعكس بفراغه شللا وتعطيلا على مجلس النواب والحكومة السلامية التي انتهت مدة صلاحيتها وباتت عاجزة عن ادراة البلاد وغير قادرة على مواجهة التحديات والمخاطر الداهمة في ظل استعار الحروب والمواجهات الدامية في كل أرجاء المنطقة.
واشارت الى أن هناك رسائل دبلوماسية وصلت من أعلى المراجع الدولية التي تحذر القيادات المسيحية اللبنانية الأساسية من مغبة اضاعة فرصة وصول رئيس مسيحي – ماروني قوي للجمهورية في هذه المرحلة. وتتابع بأن السؤال المطروح في الكواليس السياسية والدبلوماسية في بيروت يتمحور حول أنه هل يجوز لبقية المرشحين الأقوياء أن ينسفوا ويضيعوا فرصة وصول رئيس مسيحي – ماروني قوي بكل ما للكلمة من معنى إلى سدة رئاسة الجمهورية في ظل الظروف الصعبة والخطرة التي يعانيها الوجود المسيحي في كل هذا الشرق لمجرد أن أحد الثلاثة الأقوياء لم يحالفه الحظ بان يكون هو المرشح الأوفر حظا للوصول إلى قصر بعبدا، خصوصا أن معيار الرئيس القوي بكل أبعاده الوطنية والمسيحية والمارونية مؤمنه عناصره بقوة بانتخاب الوزير سليمان فرنجية إلا اذا كان بعض الأقوياء حين وضعوا هذا المعيار وطالبوا شركاءهم المسلمين في الوطن بضرورة احترامه في الاستحقاق الرئاسي هم في قرارة نفسهم لا يحترمون هذا المعيار الذي وضعوه لغايات لا تمت بصلة إلى جوهره ومضمونه .
المصادر أشارت الى أن التريث القائم أفضى إلى تأخر اطلالة الرئيس سعد الحريري كما أفضى إلى عدم صدور أي موقف علني عن اجتماع اللقاء الديموقراطي الذي عقد برئاسة النائب وليد جنبلاط والتي كانت أجواؤه واضحة لناحية السير في التسوية على قاعدة بأن المخاطر المحدقة بالبلد ومحيطه وجواره لا تسمح بتكرار أخطاء الماضي، بل أن المسؤولية الوطنية تقتضي من الجميع التعلم من دروس الماضي لتجنيب البلاد مغامرات لا قدرة للبنان على تحمل وزرغ تداعياتها وعواقبها الوخيمة.
أما تريث «اللقاء الديموقراطي» في عدم اصدار موقف علني داعم للتسوية تؤكد المصادر أنه يأتي في سياق احترام دور الحريري الذي من المفترض أن يكون هو السباق في طرح حيثيات هذه التسوية وابعادها وخلفياتها قبل أن يبادر جنبلاط أو بري إلى تأييد هذه التسوية التي جرت بلورة تفاصيلها وخطوطها العريضة بين الحريري وفرنجية بدعم ومباركة القوى الدولية والإقليمية الفاعلة بتأثيرها وحضورها في لبنان وكل أرجاء المنطقة وهذا ما يعطي هذه التسوية المزيد من الجدية والمصداقية والقوة كي تبصر النور قريبا حتى ولو أن البعض ولغايات آنية تحمل شعار »أنا أولا أحد» سيعترضون على هذه التسوية التي تؤمن للمسيحيين حضورهم الوازن والفاعل في المعادلة السياسية في البلاد سيما أن الوزير فرنجية لا يمكن لأحد من المرشحين الأقوياء الآخرين أي الرئيس أمين الجميل أو الدكتور سمير جعجع أو العماد ميشال عون أن يزايد عليه بوطنيته ومسيحيته ومارونيته وحتى في حرصه على حرية وسيادة واستقلال لبنان وصيغته الفريدة التي تحفظ الميثاقية والشركة الوطنية الحقيقية والفعلية بين المسيحيين والمسلمين.