IMLebanon

ديبلوماسيّون يُحذّرون من اهتزاز المظلّة الأمنيّة

تنذر التطوّرات الأمنية الخطيرة التي تحصل في مناطق الشمال بعبور الساحة الداخلية من مرحلة الإستقرار النسبي إلى مرحلة التوتّر المذهبي الشديد في الشارع، وذلك في ضوء استثمار هذا المناخ في جولات من الإشتباكات ما بين الجيش والمجموعات الإرهابية المتطرّفة والمسلّحة تحت ذريعة العنوان المذهبي. وقد تحدّثت مصادر ديبلوماسية مواكبة عن مخاوف لدى بعض عواصم القرار الغربية من مدلولات وانعكاسات الإحتقان السياسي وانسداد الأفق الرئاسي وتنامي السجال المذهبي، على الواقع الأمني العام وتهديده بالتالي بانزلاق الساحة اللبنانية إلى واقع الإنفجار السائد في سوريا والعراق، وذلك على الرغم من شبكة الأمان الواقية من الصدمات الإقليمية التي أقامتها دول إقليمية وغربية.

ونبّهت المصادر الديبلوماسية من الوضع الراهن على الحدود مع سوريا في البقاع كما في الشمال، والأزمة الإنسانية المتمثّلة بخطف العسكريين من قبل المجموعات السورية المسلّحة في جرود عرسال، ولاحظت أن تكرار عمليات استهداف الجيش التي بدأت منفردة ثم تطوّرت إلى اعتداءات خطيرة كما حصل في مدينة طرابلس في عطلة الأسبوع الفائت، قد دفع بالدوائر الديبلوماسية في بيروت إلى دقّ ناقوس الخطر بالنسبة للمسؤولين اللبنانيين في الدرجة الأولى، منبّهة من حساسية الوضع الأمني على مجمل الأراضي اللبنانية، فيما لو استمرّ السجال الطائفي والمذهبي في موازاة الإنقسام السياسي الحاد حول الإستحقاقات الدستورية.

وفي حين حذّرت المصادر الديبلوماسية نفسها من أن الخطاب السياسي الداعم للجيش قد لا يكون كافياً من أجل تدعيم شبكة الأمان الدولية عبر دعم تمكين المؤسّسات الأمنية الرسمية من الإمساك بزمام الواقع الأمني العام. اعتبرت أن الخطوة الأولى الضرورية في هذا المجال، هي وقف الإشتباك السياسي بين فريقي الثامن والرابع عشر من آذار الذي يعطّل استحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وبالتالي انتخاب الرئيس العتيد كترجمة لنوايا المطالبين بتحصين الساحة الداخلية ودعم الجيش اللبناني، وذلك بهدف تمكين المؤسّسات كافة من النهوض بالأعباء الأمنية بشكل خاص. وأشارت إلى أن الفصل ما بين الإستحقاق الرئاسي وصراعات المحاور الإقليمية، هو العامل الرادع في وجه الإرهاب والفوضى التي تعيشها البلاد، وليس أي أمر آخر.

واكدت أن عملية إخراج الساحة المحلية من صراعات المحاور الخارجية يتطلّب «تضحيات» من كل الأفرقاء اللبنانيين، كما أردفت المصادر الديبلوماسية ذاتها، والتي اعتبرت أن الدعم الحقيقي للدولة اللبنانية يتأمّن من خلال إجراءات معينة ومبادرات إقليمية أولاً، وداخلية ثانياً من قبل قيادتي 8 و 14 آذار، على أن تكون المبادرة الثالثة، والتي تتركّز على محاربة التكفيريين والإرهابيين، بيد الدولة بشكل حصري، وليس في يد القوى السياسية، وتحديداً أن تكون في يد المؤسّسة العسكرية التي تقدّم منفردة الشهداء والتضحيات الجسام في المواجهات الدموية التي تخوضها مع هؤلاء الإرهابيين المنتشرين في أكثر من منطقة لبنانية، كما في بعض مخيمات النزوح السوري، إضافة إلى عدد من المخيمات الفلسطينية شمالاً وجنوباً.

من هنا، خلصت المصادر الديبلوماسية عينها، إلى أن ترسيخ الأمن والإستقرار يتم من خلال الوحدة الوطنية والوفاق والغطاء السياسي للجيش اللبناني لمواصلة معركته الضارية مع كل أنواع الإرهاب المتفشّي على أراضيه، إذ شدّدت على أن القرار الخارجي، وتحديداً الدولي، قد تُرجم بمظلّة دولية حامية للإستقرار، لكنها لفتتت إلى محاولات عدة تجري في الكواليس كما في العلن، لضرب هذه المظلّة، وتحويل لبنان إلى ساحة صراع للمحاور الإقليمية وعزله عن أي حضور دولي أو أممي، وذلك تمهيداً لاستخدامه في التسويات الكبيرة المقبلة.